السؤال
ما تفسير: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)، وهل يجوز محبة الكفار من أهل الكتاب محبة لا تفضي إلى اتباعهم وتقليدهم في ضوء الآية السابقة؟
ما تفسير: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)، وهل يجوز محبة الكفار من أهل الكتاب محبة لا تفضي إلى اتباعهم وتقليدهم في ضوء الآية السابقة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمسلم أن يحب مشركا سيما إذا أصر على كفره وشركه، فقد قال تعالى عن إبراهيم وأبيه: فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم {التوبة:114}، وقال تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان {المجادلة:22}، ومعنى الآية أن الهداية بيد الله وحده، فلا تستطيع هداية أحد أحببت هدايته إذا لم يشأ الله هدايته، وليس في استطاعة أحد أن يهدي من لم يقدر الله هدايته، فالله تعالى هو الذي بيده هداية الخلق، ومعنى أحببت في قوله: إنك لا تهدي من أحببت.. أي: أحببت هدايته. وقيل: أحببته لقرابته، كذا قال البغوي والألوسي.
وقال الطبري رحمه الله في تفسيره: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. قال: ولكن الله يهدي من يشاء أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان بالله ورسوله.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يهدي من أحب هدايته، ولكنه جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه، والآية نزلت في أبي طالب أحب النبي صلى الله عليه وسلم هدايته ولكن الله لم يقدرها له.
ففي الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله علهي وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عز وجل: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم. وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين.
والله أعلم.