السؤال
سؤالي كالآتي: منذ 20 سنة توفي زوجي وكان يعمل في شركة نفطية ولديه أعمال أخرى تدخل علينا بعض المال من حين إلى آخر، تم إشراك أخي معه في نفس العمل وأنا على علم بالتفاصيل، وأحيانا أعارضهم في بعض الأعمال، فيوم من الأيام تحدثوا عن الربح الذي سوف يتقاضونه عند نجاح المشروع وكان النقاش أغلب الأوقات فى البيت فاشترطت عليهم أن يضربوا لي بسهم عند نجاح المشروع وتمت الموافقة من الطرفين على أن يقسم الربح على ثلاثة أقسام وهم زوجي وأخي وأنا، ولما نجح المشروع استلم أخي الدفعة ألأولى، لأنه كان أعزب ويريد تسوية وضعه المادى، وقبل استلام الباقي من المال توفي زوجي وسبق أن أخذ أخي نصيبه من الدفعة الأولى وبقيت الدفعة الثانية على أن تقسم إلى سهمين وبعد الوفاة بأشهر تم استلام المال عن طريق أخي ووضعه في مصرف وأنا صرت الوصية على هذا المال، مع العلم بأن لدي راتب شخصي وكذلك راتب الأب وبقينا نصرف من هذه الأموال على العائلة حتى الآن وعدد أفراد ها ولدان وثلاث بنات وأنا والدتهم، علما بأن البنات قد تزوجن والحمد لله وبقي الأولاد، واحد طالب سنة خامسة طب بشري، والثاني سنة أولى هندسة، أريد من حضراتكم التوضيح التام فى هذه المسألة، كيف يقسم المال المتبقي، وهل يجوز لي أخذ السهم وحدي أم لا، مع العلم بأن أبوي الزوج متوفيان قبله بعدة سنوات ؟ وجازاكم الله كل خير، أتمنى أن تجيبوا على سؤالي هذا لأني فى حيرة من أمري.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن المصرف الذي قلت إن أخاك قد وضع المال فيه، إذا كان مصرفا ربويا فإن ذلك لا يجوز؛ لما فيه من التعاون مع أهل المصرف على الإثم الذي يرتكبونه، والله سبحانه وتعالى يقول: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}، فالواجب أن تبادري في سحب ذلك المال من المصرف. وإذا كان قد ترتب على إيداعه فوائد فالواجب التخلص منها في بعض وجوه الخير، كأن تصرف على الفقراء والمحتاجين، أو أن تنفق في المصالح العامة للمسلمين.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فما ذكرته من أنك في يوم من الأيام تحدث زوجك مع أخيك في الربح الذي يمكن أن يحققاه من المشروع، وأنك أنت اشترطت عليهما أن يضربا لك بسهم في المشروع إذا نجح، وأنهما قد استجابا لذلك... إنما يفيد أنهما قد تطوعا لك بسهم من المشروع؛ لأنك لم تذكري موجبا تستحقين به أن تشترطي مثل هذا الشرط، فهو -إذا- هبة قد وهباها لك، والهبة لا تتم إلا بالحيازة قبل حصول المانع.
وبما أن زوجك قد توفي قبل أن تحوزي هبته، فإنها بذلك تكون قد بطلت من جهته، وبقي ما وهبه لك أخوك، أي أنه قد بقي لك نصف سهم وليس سهما كاملا، فهذا جواب عن سؤالك الثاني، وأما سؤالك الأول فجوابه أن زوجك إذا لم يكن له جد ولا جدة فإن ورثته هم أنت وابناك وبناتك.
والمال الذي أودع على أنه بينك وبين زوجك نصفين، قد تبين أن هبة الزوج منه قد بطلت -كما بينا-، فلك منه -إذا- ربع تختصين به، والباقي وهو ثلاثة أرباع هو من جملة تركة زوجك، وتركة زوجك تقسم إلى ثمانية أسهم، لك أنت منها سهم (ثمن)، ولكل بنت سهم، ولكل ولد سهمان. قال الله تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن {النساء:12}، وقال تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين {النساء:11}.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.