السؤال
السلام عليكم:أرجو إفادتي في مشكلة الوسواس التي أعاني منها فأنا عند الوضوء يصعب علي التسمية فأشعر كأني لم أنطقها فأعيدها عدة مرات كما أني أنسى أثناء الوضوء إذا كنت غسلت الأعضاء السابقة أم لا فأعيد الوضوء من جديد .2)عند الصلاة أشعر باني لم أنوي الفرض الذي سأصليه فأشعر بأني سأ نوي النافلة وليست الفريضة مما يجعلني آخذ وقتا طويلا قبل الصلاة لأنوي مما يجعلني أرتبك أثناء التكبير فأنطقها بتكلف كما أني أشعر بأني سأقطع الصلاة عند أي خطأ أو عند سماع صوت فهل يبطلها أم لاأرجو إفادتي بحلول عملية للتخلص من الوسواسوهل إذا نسيت الفرض الذي أصليه ثم تذكرته أثناء الصلاة هل يبطلها أم لا ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يستسلم لهذه الوسوسة التي تعرض له في وضوئه ، أو في صلاته ، أو في ذكره، أو غير ذلك. لأنها من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم ، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره ، فينبغي للعبد أن يثبت ، ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ، ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا ، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب؟!
وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها ، فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه -والعياذ بالله- ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها : الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان ، وقد نقل الشيخ محمد عليش المالكي عن بعض المشايخ أن الوسوسة بدعة أصلها جهل بالسنة أو خبال في العقل.
ويستعين الإنسان بدفعها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، وبالدعاء ، واللجوء إلى الله ، وبالانصراف عنها ، وإلزام النفس بذلك.
وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب:( له داوء نافع ، وهو الإعراض عنها جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت ، بل يذهب بعد زمن قليل ، كما جرب ذلك الموفقون ، وأما من أصغى إليها ، وعمل بقضيتها ، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين ، بل وأقبح منهم ، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها ، وأصغوا إليها ، وإلى شيطانها … وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليعتقد بالله ولينته.
فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته.
واعلم أن من حرمه حرم الخير كله ، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا ، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال ، والحيرة ، ونكد العيش ، وظلمة النفس وضجرها ، إلى أن يخرجه من الإسلام ، وهو لا يشعر أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا … ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة ، واضحة ، بيضاء بينة ، سهلة لا حرج فيها ، وما جعل عليكم في الدين من حرج ، ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانها … وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: داء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني ، وأن إبليس هو الذي أورده عليه ، وأن يقاتله فيكون له ثواب المجاهد ، لأنه يحارب عدو الله ، فإذا استشعر ذلك فر عنه ، وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان ، وسلطه الله عليه محنة له ، ليحق الله الحق ، ويبطل الباطل ولو كره الكافرون… وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل ، وصار لا تمييز له ، وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ، ولا يميل إلى الابتداع .. ونقل النووي عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسوسة في الوضوء أو الصلاة أن يقول: لا إله إلا الله. فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس ، أي تأخر وبعد ، ولا إله إلا الله رأس الذكر).انتهى
وأما شعورك بقطع الصلاة عند أي سهو ، أو عند سماع صوت ، فلا شك أنه من الوسوسة التي يجب الإعراض عنها ، وعدم الالتفات إليها ، إذ أن السهو في الصلاة لا يبطلها باتفاق ، وكذلك مجرد سماع الصوت وأنت فيها.
وأما قولك (وهل إذا نسيت الفرض الذي أصليه ثم تذكرته أثناء الصلاة هل يبطلها أم لا ؟) فنرجو مراجعة الجواب رقم 9487 .
والله أعلم.