الانتحار ... ليس علاجاً

0 652

السؤال

نريد أن ننتحر، مع العلم أن لنا عدة مشاكل. فهل يجوز لنا ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا يجوز الإقدام على قتل النفس (الانتحار)، بأي سبب من الأسباب لقوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما [النساء: 29]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه ‏بحديدة، فحديدته يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما ‏فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل ‏نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. رواه البخاري، ومسلم.

فدل ذلك على أن قتل المرء نفسه من أعظم الكبائر، وأنه سبب للخلود في نار جهنم ‏والعياذ بالله، وأن عذاب صاحبه يكون بنفس الوسيلة التي تم بها الانتحار، يضاف إليها دخوله جهنم ‏والعياذ بالله، هذا وقد نهى الله -سبحانه وتعالى- عن اليأس والقنوط، وأخبر أن ذلك من ‏صفات الكافرين فقال: يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح ‏الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون [يوسف:87]، وقال تعالى على لسان خليله إبراهيم: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ‏‏[الحجر:56]‏.

والحاصل؛ أن الإقدام على الانتحار أمر فظيع وعواقبه وخيمة، مهما كانت المشاكل الدافعة إليه، فعظموا رجاءكم بالله، وأيقنوا برحمته سبحانه التي وسعت كل شيء، وجددوا صلتكم بالله، ‏وأكثروا من الطاعات، والجأوا إليه سبحانه بالدعاء والتضرع أن يصرف عنكم السوء، وأن ‏يحبب إليكم الإيمان، وأن يزينه في قلوبكم، وأن يكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان، وأن ‏يجعلكم من الراشدين.

واعلموا أن الحياة نعمة عظيمة أنعم الله بها عليكم، وفرصة لا يمكن ‏تعويضها، فاغتنموها في العمل الصالح حيث به تحيون حياة كريمة، كما قال تعالى: من ‏عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ‏ما كانوا يعملون [النحل:97].

ويكفي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: خير الناس من طال عمره وحسن ‏عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله. رواه أحمد، والحاكم، والترمذي، وصححه.‏

ولماذا الانتحار الذي يوجب غضب الله ومقته وعقوبته؟! إن عاقلا لا يقدم على ذلك أبدا، لأنه يخسر دنياه وآخرته.

وأخيرا؛ فإننا ننصح بمرافقة الصالحين الذين يحضونكم على الخير ‏ويباعدون بينكم وبين الشر، كما نوصيكم بحضور مجالس العلم والذكر، وبالمحافظة على ‏الصلوات في أوقاتها مع الصبر وتفويض الأمور كلها إلى الله الذي بشر الصابرين بقوله: وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون [البقرة: 155 - 157].

وفقكم الله للخير، وصرف عنكم السوء.‏

والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة