السؤال
رزقني الله بالأولاد والبنات ولدي منزلان والحمد لله وأخاف بعد وفاتي الاختلاف بينهم وبيع المنزلين وتشريد البنات والأطفال القصر، فهل يجوز وقف أحد المنزلين للبنات فقط بشرط أن لا ينفذ إلا بعد الوفاة، وإذا كان الجواب لا يجوز، فمباذا تنصحوني لأطمئن عليهن في زمن المتغيرات وما نسمعه من تسلط الإخوة على الأخوات بعد وفاة والدهم، فأرجو أن يكون سؤالي واضحا؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لا يصح لأحد أن يعلق الوقف بعد موته لأحد من الورثة لأن هذا وصية، والوصية للوارث لا تصح، ونصيحتنا لمن خاف على بعض ورثته القصر أن يأخذ غيرهم حقهم هي أن يوصي لمن يثق به ليكون مسؤولا عنهم بعد موته ويتولى أخذ حقهم والمطالبة به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يصح وقف أحد البيتين على البنات وتعليق هذا الوقف بالموت، لأن تعليق الوقف بالموت يعتبر وصية، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في تحفة المحتاج عن تعليق الوقف بالموت: ... يكون حكمه حكم الوصايا... انتهى.
والوصية لا تجوز للوارث لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث... رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني.
ولا تنفذ هذه الوصية بعد الموت إلا بإجازة الورثة، ولذا نص الفقهاء على عدم جواز تعليق الوقف على بعض الورثة.
قال السرخسي الحنفي في المبسوط: ... فالوقف على بعض ورثته بعد موته لا يجوز.. وانظر الفتوى رقم: 18071، ثم إن تعليق الوقف بالموت أصلا في صحته خلاف بين الفقهاء، والمفتى به عندنا الصحة والجواز، وانظر لذلك الفتوى رقم: 16916.
والذي ننصح به الأخ السائل إن كان يخشى من تسلط الذكور من أبنائه وحرمانهم أخواتهم وإخوانهم القصر هو أن يكتب وصية لمن يثق به من إخوانه المسلمين في تولي التصرف في أموال القصر من أولاده بعد مماته، وعلى الوصي أن يتقي الله تعالى فيحافظ على أموال الموصى لهم كما يحافظ على أموال أطفاله كما قال تعالى: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا {النساء:9}، قال القرطبي رحمه الله: هذا وعظ للأوصياء أي افعلوا باليتامى ما تحبون أن يفعل بأولادكم من بعدكم قاله ابن عباس.. انتهى.
ثم إذا وقع شيء من الخلاف بين الورثة بعد ذلك فالقضاء الشرعي ملاذ المظلوم يأخذ له حقه ويردع الظالم ويزجره.
والله أعلم.