هدية الكفار المشتملة على شعار لهم

0 144

السؤال

أهدت لي زميلتي هدية تتمثل في خمار مكتوب عليه عبارة -أحب المسيح عيسى- فقبلت الهدية وبقيت حائرة في موضوع هل أرميه أم لا؟. وقالت لي زميلتي إنه بما أنني مسلمة و أؤمن بكل الأنبياء فلا بأس في ارتدائه. فما الذي علي فعله ,هل أرميه؟ أم أحتفظ به ولا أرتديه؟
افيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يجوز لبس ما يوهم التشبه بالكفار أو فيه معنى رفع شعارهم.

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

زميلتك هذه التي أهدت لك هذا الخمار إما أن تكون كافرة (نصرانية) وإما أن تكون مسلمة، فان كانت كافرة فالظاهر أنها تحاول الدعوة إلى دينها إما لك أو بك، واستدراجك بأسلوب أو بآخر، وعليه فكان الأولى أن تردي هديتها، بل لا يجوز قبولها عند أهل العلم إذ قالوا : لا حرج في قبول هبة الكافر أو هديته بشرط ألا تكون هذه الهبة سببا للمودة والتأثر بما عليه هذا الواهب من الباطل، وراجعي الفتوى رقم: 32462.

وحيث إنك قبلت ذلك فإما أن ترديها لها وتبيني لها سبب ذلك من كون هذا الفعل فيه دعوة لدين محرف مع محاولة دعوتها إلى الإسلام، وإما أن تتصرفي في هذا الخمار بغير اللبس منك أو من غيرك أو بلبسه بعد إزالة المكتوب عليه إن أمكن، ولا ينبغي لك أن ترميه لأنه مال يمكن الانتفاع به، ولأنه اسم عيسى وهو نبي من أنبياء الله.

وإما إن كانت مسلمة فالأمر أسهل في قبول هديتها، ومع ذلك يبقى الحكم في اللبس كما هو لئلا يتوهم أنك على غير الإسلام، إذ الظاهر أن لبس ذلك فيه معنى رفع شعار النصارى أو على الأقل قد يتوهم منه ذلك أو يفهم منه موافقتهم على دينهم المحرف والتشبه بهم، لذا يلزم تنبيهها إلى عدم جواز الإهداء بمثل ذلك أو لبسه لما ذكرنا.

والأصل فيما سبق ما رواه البخاري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه بحلة حرير أو سيراء فرآها عليه فقال إني لم أرسل بها إليك لتلبسها إنما يلبسها من لا خلاق له إنما بعثت إليك لتستمتع بها يعني تبيعها .

 قال الشوكاني في النيل قوله: (أهديت إلى النبي) أهداها له ملك أيلة وهو مشرك .

  وفي النيل أيضا : وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة ابنة عبد العزى بن سعد على ابنتها أسماء بهدايا ضباب وأقط وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخر الآية ، فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها. رواه أحمد.

قال : فيه دليل على جواز الهدية للقريب الكافر ، والآية المذكورة تدل على جواز الهدية للكافر مطلقا من القريب وغيره

ثم ذكر أحاديث في امتناعه صلى الله عليه وسلم عن قبول هدية المشركين، ومنها قوله إني لا أقبل هدية مشرك ثم قال: قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا لأنه صلى الله عليه وسلم قد قبل هدية غير واحد من المشركين، وقيل : إنما ردها ليغيظه فيحمله ذلك على الإسلام وقيل : ردها لأن للهدية موضعا من القلب، ولا يجوز أن يميل إليه بقلبه، فردها قطعا لسبب الميل ،........إلى أن قال : وجمع الطبري بين الأحاديث فقال: الامتناع فيما أهدي له خاصة ، والقبول فيما أهدي للمسلمين ، وفيه نظر ، لأن من جملة أدلة الجواز السابقة ما وقعت الهدية فيه له صلى الله عليه وسلم خاصة، وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة ، والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام، قال الحافظ : وهذا أقوى من الذي قبله. اهـ.

وهذا الجمع الأخير هو المتعين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة