مسائل حول الوساطة التجارية

0 415

السؤال

نحن شركه تمارس أعمال الوساطة التجارية، والتجارة الدولية؛ كوننا نؤمن البضاعة المطلوبة للعملاء حسب حاجاتهم، عن طريق الوساطة التجارية، والبيع المباشر باسم شركتنا، ولكن كل العقود التي تعمل بيننا وبين الزبون القادم إلى طرفنا، تضمن حقه بالتزام كامل من طرفنا، ونحن نكفل جميع المبالغ التي يحولها إلى حسابنا، أو إلى حساب الشركة المصنعة مباشرة، وهذا الضمان موثق بعقود البيع، أو اتفاقية الوساطة التي تتم بيننا وبين المشتري، أما عن نظام البيع، فهو من جزأين:
الأول: أنني أسعر البضاعة بنفسي، ويتم الاتفاق على السعر الذي أعطيه للمشتري، ولا يزاد على المشتري أية عمولة، وإنما يتم الاتفاق على البيع والشراء.
الجزء الثاني: أنني اتصل بالمصانع، ونأخذ أسعار المصانع، ويكون اتفاق بيننا وبين المصانع على عمولة نأخذها من طرف المصنع، وبعد اعتماد السعر من قبل المشتري، نتفق على عمولة نأخذها منه، مضافة على السعر المعتمد، وبذلك نكون أخذنا من المصنع، والمشتري، وهناك بعض الموردين يرفعون السعر الذي يعرض على المشتري بمقدار العمولة التي نأخذها منهم، أي أن المشتري يعتقد أن السعر هو سعر المصنع، وليس مضافا إليه شيء.
ملاحظة: المشتري لا يعلم أننا نأخذ من المصنع أي عمولة؛ وعليه، فنحن ضامنون لجودة البضاعة، وقد حصل أننا خسرنا مبالغ كبيرة تعويضا للمشتري، ولم يتعرف إلينا المصنع بهذه الخسائر، وتعرضنا لحالات نصب واحتيال من بعض المصانع، وكنا قد دفعنا عربونات بضاعة، وخسرناها نتيجة نقل المصنع، وبيع محتوياته، وإشهار إفلاسه دون علمنا، كذلك دفعنا قيمة العربونات التي كنا قد استلمناها للمشتري؛ كوننا ضامنين لأمواله، وليس له علاقة بالمصنع، بل العلاقة بنا مباشرة، كما أن بعض المصانع انقلبت علينا، ورفضت تنفيذ العقود؛ بسبب ارتفاع أسعار المواد بعد كتابة العقود، ونفذناها التزاما منا، ودفعنا فروقات الأسعار، ولم نرفع السعر المتفق عليه مع الزبون، ورفضت بعض الطلبيات من بعض العملاء دون مبرر، وخسرنا مبالغ مقابل هذا الرفض؛ كوننا ملتزمين أمام المصنع، ولا مبرر لرفض هذه البضائع، ويحصل اختلاف مستمر في أسعار صرف العملات، ونتحمل الفروقات الحاصلة.
وبناء على ما سبق ذكره؛ أرجو إفادتنا هل عملنا بهذه الطريقة مشروع؟ وإذا كانت هناك أي شبهة، أو حرام، فأفيدونا؛ للابتعاد عنها.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الوساطة التجارية جائزة، إذا انضبطت بالضوابط الشرعية في هذا المجال، ومن ذلك: أن يكون المتوسط فيه مباح شرعا، وأن تعلم أجرة الوسيط، والعمل المتوسط فيه، والوسيط وكيل، لا يضمن، إلا إذا تعدى، أو فرط، أو التزم الضمان في عقد الوساطة.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فإن الوساطة التجارية، من الأعمال الجائزة، إذا انضبطت بالضوابط الشرعية، وعلى رأس ذلك: أن يكون المتوسط فيه مما يباح في الشريعة، وأن يعلم أجر الوسيط، والعمل المتوسط فيه؛ دفعا للضرر، والجهالة، ولا يلزم أن يستقصي في معرفة المتوسط فيه، وإنما يعلم بما يدفع الضرر المؤثر، وفي المنهاج: وليكن الموكل فيه معلوما من بعض الوجوه، ولا يشترط علمه من كل وجه. انتهى.

وأما بالنسبة للمسائل التي سأل عنها السائل:

ففيما يخص المسألة الأولى: فإن قيام الوسيط بتسعير السلعة المراد استيرادها للمشتري لا وجه له، وإنما يصح منه أن يعرض على المشتري السعر الذي يطلبه البائع في السلعة، ويتوسط في اتفاقهما على ذلك، دون تغرير، أو تدليس على أحدهما، فإن الوسيط أمين للطرفين، جاء في در الحكام: السمسار، والبياع، والأجير المشترك، كلهم أمناء.

المسألة الثانية: يجوز للوسيط أخذ عمولته من الطرفين، ما لم يكن وكيلا عن أحدهما، فإذا كان كذلك، لم يجز له أخذ عمولة من الطرف الآخر، إلا بإذن من موكله.

المسألة الثالثة: السمسار، أو الوسيط إذا التزم بضمان المتوسط فيه ما لو ظهر به عيب، أو استحق، لزمه هذا الضمان، ولا يرجع المشتري على البائع، وإنما يرجع على السمسار، ويرجع السمسار على من غره، قال ابن عاصم في تحفة الحكام:

 والأجنبي جائز منه الشرا * ملتزم العهدة فيما يشترى.

 وقال ميارة في الشرح المسمى: الإتقان والأحكام في شرح تحفة الحكام: والمراد بالأجنبي في البيت: وكيل المالك للشيء المبيع النائب هو عنه... والمعنى: أنه يجوز للإنسان أن ينوب عن غيره في الشراء، ويلتزم له عهدة العيب، والاستحقاق، وأنه إن حصل أحدهما، غرم للمشتري الثمن. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة