السؤال
عامة المسلمين يعانون من اختلاف الفتوى من مذهب إلى آخر الأمر الذي أدى إلى حدوث صعوبة في اختيار الفتوى من مذهب إلى آخر بالنسبة لعامة الناس فنجد بعض الأمور من السنة فعلها وتثاب عليها من الله عند فعلها ونجد مذهب آخر يحرمها ويشدد على تركها وكل له أدلة على صحة ما يقول. فياليت علماء المسلمين يعقدون مؤتمرا لتوحيد الفتوى ويتنازل من لديه أدله أضعف على فتواه لمن له أدلة أقوى وأوضح فإن لم يتفق علماء المسلمين في أمورهم وهم القدوة في كل شيء فكيف نلوم عامة الناس على عدم الاتفاق. نأمل التوضيح وما هذا الاستفسار إلا لشدة حرصي على تقوية المجتمع المسلم ورقيه وأعتقد أن كثيرا من المسلمين يشاطرونني الرأي. جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لا لوم على أهل العلم فيما حصل بينهم من الاختلاف، وهو رحمة للأمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن اختلاف الأئمة المجتهدين رحمة من الله تعالى، قال العلامة بدر الدين الزركشي في البحر المحيط 8/120: اعلم أن الله تعالى لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة؛ بل جعلها ظنية قصدا للتوسيع على المكلفين لئلا ينحصروا في مذهب واحد لقيام الدليل عليه. انتهى
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله عن اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين: اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة.
وقد سبق أن أشرنا إلى شيء من هذا، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 4145.
واعلم أن المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى حكم في مسألة معينة فلا يجوز له أن يترك اجتهاده ويقلد غيره فيها. يقول صاحب مراقي السعود عن التقليد:
وهو للمجتهدين ممتنع * لنظر قد رزقوه متسع.
ومن هذا يتبين لك أنه لا لوم على أهل العلم فيما حصل بينهم من اختلاف في فروع الفقه.
ولك أن تراجع لمزيد الفائدة رسالة لطيفة بعنوان: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والله أعلم.