السؤال
ما هو حكم تعليق آيات من القرآن على جدار المنزل خاصة أنها معرضة لأن يلمسها الأشخاص الذين يجلسون هناك بظهورهم؟ وشكرا.
ما هو حكم تعليق آيات من القرآن على جدار المنزل خاصة أنها معرضة لأن يلمسها الأشخاص الذين يجلسون هناك بظهورهم؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نقل النووي في التبيان إجماع المسلمين على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته واحترامه.. كما كره جمهور الفقهاء كتابة القرآن في الأماكن التي يمكن أن يهان القرآن فيها بسبب كتابته فيها كالجدران والستور، وعللوا ذلك باحتمال حصول الإهانة بسقوط الجدار أو جزء منه، وحرموا كتابته في الأماكن التي يهان فيها حقيقة كالبسط والفرش التي تداس، قال في الفتاوى الهندية: ولو كتب القرآن على الحيطان والجدران، بعضهم قالوا: يرجى أن يجوز، وبعضهم كرهوا ذلك مخافة السقوط تحت أقدام الناس. انتهى.
وقال في مواهب الجليل نقلا عن المشذالي حكايته لقول النووي: ويكره كتب القرآن في حائط مسجد أو غيره. ثم قال: وكأنه ارتضاه على المذهب. انتهى.. وقال في أسنى المطالب: ويكره كتبه على حائط ولو مسجد وعمامة وطعام ونحوها. انتهى... وقال البهوتي في كشاف القناع: وتكره كتابته -أي القرآن- في الستور وفيما هو مظنة بذله. انتهى.
فهذه نصوص الفقهاء واضحة، ويضاف إليها ما قالوه في حكم توسد المصحف، وحكم مد الرجلين تجاهه، إذ لا يخلو كتابة القرآن على جدار من حصول ما هو في حكم التوسد أو شبيه به -وهو الاستناد بالظهر على الجدار- أو حصول مد الأرجل تجاهه وهو ما يشعر بالإهانة له والاستهانة به، وكل ذلك ممنوع إما كراهة، وإما تحريما في بعض الصور، جاء في الموسوعة الفقهية: وأما توسد المصحف فقال الشافعية والحنابلة: يحرم توسد المصحف لأن ذلك ابتذال له، وأضاف الشافعية: ولو خاف سرقته أي فالحكم كذلك. وقال الحنفية: يكره وضع المصحف تحت رأسه إلا لحفظه من سارق وغيره... وأما مد رجليه إلى جهة المصحف فقال الحنفية -كما ذكر ابن عابدين- يكره تحريما مد رجليه أو رجل واحدة، سواء كان من البالغ أو الصبي عمدا ومن غير عذر. وقال الحنابلة: يكره مد الرجلين إلى جهة المصحف. انتهى.
والظاهر أن الاستناد بالظهر إلى محل كتابة القرآن من الجدار يأخذ حكم مد الرجل إلى جهته.
فالخلاصة أن الأولى بالمسلمين ترك كتابة القرآن على الجدران وترك تعليق آياته تعظيما لكلام الله وصونا له عن الابتذال والامتهان، ولئلا يشبهوا فعل اليهود فيما وصفهم الله به من نبذهم كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، حتى وإن كان الشبه في مجرد الصورة لا الحقيقة، فإن التشبه بهم مذموم على كل حال.
والله أعلم.