السؤال
زوجي له أخ وأختان أمهم بنت بيتا لهم من أربع أدوار (الدور الأول شقتان أعطت للأخت الأولى شقة والأخرى أجرتها لخالهم، أما الدور الثاني فأعطت شقة لزوجي وشقة لأخته الثانية ثم أعطت الدور الثالث لأخيه الأصغر فبنى ثلاث شقق يؤجرهم، الشقة الأولى مفروشة والثانية لشركة كبيرة، أما الشقة فأجرها ويعطي من ثمنها لأمه قليل القليل من النقود وهي راضية (فلما زوجي أراد أن يبنى فى الدور الثالث له رفضت وكتبت وصية بالاتفاق مع الأختين أن تعطي لكل من الأخت دورا وباعت لهم الأدوار على ورق وكأنها أخذت المال عن كل دور 10 آلاف جنيه وكتبت لزوجي الدور الخامس والبيت هو أربع أدوار من غير علمه لأن زوجى مريض، لكن عندما طالب بحقه قالت أخته الأكبر أنا لا يهمني شيء لأن أمك راضية بذلك، وعلى العلم اتفق مع أختك الأخرى وهى تبقى تعطيك نصف حقها فى الدور الخاص بها، ولما عرف أخوه الثاني بذلك اعترض هو وقال هذا حرام لأن له نصيب بعد موتها رغم أنه في حياتها أخذ من البيت دورا كاملا مع شقة خارج البيت من أبيه عندما توفي والشقة من أحسن الشقق وفي أحسن منطقة فبالله عليكم أين نصيب زوجي وكيف أتصرف لأنه قعيد وكيف يحافظ على نصيبه، ومع العلم بأن الأم عندما كتبت الوصية منذ عشر سنوات، أما الآن فهي كبرت وتقول أنا لم أفعل هذا وحرام رغم أننا رأينا الأوراق الخاصة بالوصية عند المحامي الخاص بها من قبل الأختين، فماذا نفعل؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
فيجب على هذه الأم أن تعدل بين أولادها ذكورهم وإناثهم فيما تهب لهم، ويحرم عليها أن تفضل بعضهم على بعض دون مسوغ شرعي، وبناء على هذا فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل فيجب رد هذه الهبة أو تعديلها بحيث يأخذ كل واحد من الأولاد مثل الآخر، والوصية التي أوصت بها الأم على النحو المذكور وصية لوارث وهي لا تصح إلا بإذن باقي الورثة، وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على هذه الأم أن تعدل بين أولادها ذكورهم وإناثهم فيما تهب لهم، ويحرم عليها أن تفضل بعضهم على بعض دون مسوغ شرعي من مرض أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب العلم ونحو ذلك، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن..
وراجعي الفتوى رقم: 27543، والفتوى رقم: 33348.
وبناء على هذا فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل فيجب رد هذه الهبة أو تعديلها بحيث يأخذ كل واحد من الأولاد مثل الآخر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: أنه قال له: فاردده. رواه مسلم وأصله في البخاري.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. انتهى...
وراجعي في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 21597.
وننبه إلى أن الوصية التي أوصت بها الأم على النحو المذكور وصية لوارث وهي لا تصح إلا بإذن باقي الورثة لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. ولا يعتبر إذنهم إلا إذا كانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.