السؤال
لقد راسلتكم من قبل ولم أحصل على جواب وسؤالي هو: أنا طالب علم والحمد لله ولقد التزمت مؤخرا ولكن قبل أن ألتزم كنت كثير الحنث بالحلف ولقد قدرت عدد الكفارات وعلي 60 كفارة وأنا أدخر المال في نهاية الشهر -بحكم أنني أدرس في الجامعة وأبي يصرف علي- لشراء كتب طلب العلم وهذا المال هو مصروفي وليس لي مال غيره، فهل يجوز في هذه الحالة الصيام لإخراج الكفارة أم يجب علي إفطار 10 مساكين بذلك المال وفي حالة وجوب الصيام هل يمكن أن لا أتابع أيام الصيام فهو يشق علي، وهل يمكن أن أصوم الخميس والإثنين لإخراج الكفارة وإذا قدر الله وأنني مت قبل إتمام صيام الكفارات فما مصيري عند الله؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الانتقال إلى الصوم في التكفير عن اليمين في حال استطاعة الإطعام أو الكسوة أو العتق، ومن عجز انتقل إلى الصيام، ويجوز فيه التفريق لكن التتابع أفضل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تستطيع إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم عن كل يمين حنثت فيها فلا يجوز لك الانتقال إلى الصيام؛ لأن كفارة اليمين على الترتيب من هذه الناحية، فإن عجزت عن التكفير بغير الصيام في جميع الأيمان أو بعضها جاز لك أن تنتقل إلى الصيام فيما عجزت عنه، ولا يجب تتابع صيام الأيام الثلاثة كما رجحه كثير من الفقهاء، ولكنه أفضل عند البعض منهم ويجب، لكن على القول بوجوب التتابع لا يجب تتابع صيام أكثر من كفارة، أي أن للأخ السائل أن يصوم ثلاثة أيام كفارة عن يمين واحدة، وبعد يوم أو يومين يصوم مثل ذلك.. وله أن يجعل يومي الإثنين والخميس ضمن صيام الكفارة لكن بنية الوجوب وليس بنية السنة والاستحباب.
قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد من هذه الثلاثة واحدا، أجزأه صيام ثلاثة أيام متتابعة. يعني إن لم يجد إطعاما ولا كسوة ولا عتقا انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم. وهذا لا خلاف فيه. انتهى.
وقد ذكر الفقهاء أن من ملك ما يكفر به زائدا على قوته وقوت من تلزمه نفقته يومه وليلته لم يجز له الانتقال إلى الصيام بدل الإطعام وما في حكمه، قال ابن قدامة في المغني: ويكفر بالصوم من لم يفضل عن قوته وقوت عياله، يومه وليلته، مقدار ما يكفر به. إلى أن قال: ويعتبر أن لا يجد فاضلا عن قوته وقوت عياله، يومه وليلته، قدرا يكفر به. وهذا قول إسحاق ونحوه قال أبو عبيد، وابن المنذر، وقال الشافعي: من جاز له الأخذ من الزكاة لحاجته وفقره، أجزأه الصيام، لأنه فقير. انتهى.
وقال ابن قدامة أيضا وهو يذكر اشتراط التتابع في صيام كفارة اليمين: وظاهر المذهب اشتراطه كذلك قال إبراهيم النخعي.. وأصحاب الرأي... وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه يجوز تفريقها، وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه، لأن الأمر بالصوم مطلق، فلا يجوز تقييده إلا بدليل، ولأنه صام الأيام الثلاثة، فلم يجب التتابع فيه، كصيام المتمتع ثلاثة أيام في الحج. انتهى.
وقال القرطبي في أحكام القرآن: قوله تعالى: فصيام ثلاثة أيام قرأها ابن مسعود متتابعات فيقيد بها المطلق وبه قال أبو حنيفة والثوري، وهو أحد قولي الشافعي واختاره المزني قياسا على الصوم في كفارة الظهار واعتبارا بقراءة عبد الله وقال مالك والشافعي في قوله الآخر: يجزئه التفريق. انتهى.
وننبه هنا إلى أن المراد بإطعام عشرة مساكين أن يعطي كل واحد منهم مدا من غالب القوت، ومنها أن تدفع لهم قيمة الطعام إن كان ذلك أصلح للفقراء، بناء على قول شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه في مسألة دفع القيمة في الكفارة والزكاة، وللمزيد من الفائدة والتفصيل في موضوع السؤال يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2053، 10567.
والله أعلم.