السؤال
لماذا عندما نصلي نقول (اهدنا الصراط المستقيم)، وهل نحن ضالون عن الصراط المستقيم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحكمة من سؤال المسلم ربه الهداية لسلوك الطريق المستقيم في الصلاة أو غيرها هي شدة حاجة المسلم إلى الاتصاف بالهداية والثبات على هذا الطريق الصحيح، فأرشده الله إلى هذا الدعاء لإعانته على سلوك طريق الحق، ولا يعني ذلك أنه على ضلالة.
ففي تفسير ابن كثير: (فإن قيل) فكيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها وهو متصف بذلك؟ فهل هذا من باب تحصيل الحاصل أم لا؟ فالجواب: أن لا، ولولا احتياجه ليلا ونهارا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله تعالى إلى ذلك، فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها وتبصره وازدياده منها واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق، فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله فإنه قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه ولا سيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا. فقد أمر الذين آمنوا بالإيمان، وليس ذلك من باب تحصيل الحاصل لأن المراد الثبات والاستمرار والمداومة على الأعمال المعينة على ذلك. والله أعلم.
وقال تعالى آمرا لعباده المؤمنين أن يقولوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. وقد كان الصديق رضي الله عنه يقرأ بهذه الآية في الركعة الثالثة من صلاة المغرب بعد الفاتحة سرا، فمعنى قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم.. استمر بنا عليه ولا تعدل بنا إلى غيره. انتهى.
والله أعلم.