السؤال
السلام عليكم ورحمة الله أرجو أن تكونوا بخير وصحة جيدة أما بعد فلقد أوصى الله بالجار حتى ظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيورث ولكن إن كان الجار فاسدا ويريد أن يزعجني ومنعته من أن يتصرف بأملاك البناية العامة فهل يصح لي هذا مع العلم أنه يزعجني ويزعج غيري وشكرا لكم
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء الأمر في القرآن الكريم بالإحسان إلى الجار، والحث على مراعاة حقوقه، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في أحاديث صحيحة وكثيرة، بل جاء عنه صلى الله عليه وسلم التصريح بنفي الإيمان عمن لم يأمن جاره ظلمه واعتداءه، ففي صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه" أي خيانته وظلمه وعدوانه.
وسواء كان ذلك الاعتداء بالقول أو بالفعل، ويستوي الجار الصالح والفاسد، وإذا تقرر هذا فليعلم أنه لا يحق للجار أن يمنع جاره من أن يرتفق بجداره أو أرضه بما لا ضرر فيه على المالك، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره" رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولما منع محمد بن مسلمة رضي الله عنه جارا له من أن يجري الماء إلى بستانه عبر أرضه، ورفعه إلى عمر رضي الله عنه ألزم عمر محمد بن سلمة بترك الماء يمر من أرضه إلى بستان جاره وقال: لئن منعته لأجرينه على بطنك.
فقضاء عمر هذا وقوله، وقول أبي هريرة رضي الله عنه راوي الحديث: والله لأرمين بها بين أكتافكم. دليل واضح على أن الجار لا يحق له أن يمنع جاره من الارتفاق والانتفاع من جداره أو أرضه بما لا يضر الجار المالك، حتى ولو كان ذلك الجار فاسدا.
أما إذا كان هنالك ضرر أو إزعاج يعود على المالك من انتفاع الجار بجداره، فإن له الحق حينئذ في منعه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجه والطبراني في الأوسط.
وإذا لم يكن للجار حق في منع جاره من الانتفاع بملكه هو على نحو ما قدمنا، فأحرى أن لا يكون له حق في منعه من الارتفاق ببناية عامة لا يملكها.
وهذا ما لم يكن الجار ينتفع بها انتفاعا محرما أو مضرا بالآخرين إضرارا يمكنه تفاديه.
والله أعلم.