الرد على بعض الشبهات التي يثيرها القرآنيون

0 505

السؤال

يزعم بعض القرآنيين منكري السنة أن السنة تعارض القرآن أحيانا ولهم في ذلك بعض الشبهات، فما الرد على تلك الشبهات: كلمة "آمين" التي تقال بعد الفاتحة ليست مكتوبة في القرآن فيقولون لماذا نزيد على القرآن كلمة وهو كتاب كامل، فما الرد على هذا.. يقولون بأن الزكاة في السنة من الممكن أن يتم صرفها لإمام المسلمين العادل، أما في القرآن فهي للمحتاجين المذكورين في الآية فقط، فهل هذا صحيح وما الرد عليه.. يقولون بأن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي من السنة والقرآن لم يقر هذه الشهادة، وأن شهادة الإسلام يجب أن تكون "أسلمت لرب العالمين" كما هي مذكورة في القرآن، فما الرد على هذا؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من أشد العمى وأبعد الضلال أن يتعامى الشخص عن ما دل عليه كتاب الله تعالى من أن السنة مبينة للقرآن، وأن الله أمر بالأخذ بكل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من أمر أو نهي أو بيان، قال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون  {النحل:44}.

 وقال تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم {النور:63}.

 وقال تعالى: وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم {الشورى:52}، وقال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا {الحشر:7}.

 وفي حديث المقدام بن معد يكرب: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وفي هذا التحذير أعظم رد لما يزعمه من يسمون بالقرآنيين وأشباههم، فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أجمل في كتاب الله عز وجل كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وركوعها وسجودها، وبيانه لأنصبة الزكاة ووقتها، وكذلك صفة الحج.

 قال جابر بن عبد الله في حديثه الطويل عند مسلم في صفة الحج: ورسول الله بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فما عمل به عملنا. ففيه غاية البيان لأهمية السنة، وكذلك قوله: لتأخذوا عني مناسككم. أخرجه مسلم. وقوله: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري.

أما فيما يتعلق بالتأمين فهو سنة في الصلاة ولم يقل أحد أنه من القرآن وهو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، وآمين معناها استجب، فيسن بعد الدعاء الذي ختمت به سورة الفاتحة أن يقول القارئ والمستمع آمين بمعنى استجب دعاءنا..

 وفيما يتعلق بأخذ الإمام زكاة الناس فإن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها {التوبة:103}، قال الإمام الجصاص في أحكام القرآن: وقوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة... يدل على أن أخذ الصدقات إلى الإمام. ثم إن الإمام إنما يأخذ الزكاة ليوصلها إلى مستحقيها المذكورين في الآية التي بينت مصارف الزكاة، وهذا المعترض أخطأ من وجهين: الأول: ظنه أن أخذ الإمام للزكاة لم يأت به القرآن. والثاني: ظنه أن الإمام هو مصرف الزكاة وليس كذلك، ثم إن السنة العملية المستفيضة دالة على أخذ الإمام الزكاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده يبعثون السعاة لجمع الزكاة.

أما القول بأن القرآن لم يقر هذه الشهادة شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو كفر صريح والعياذ بالله تعالى، وهل اهتم القرآن بشيء مثل ما اهتم بتقرير هاتين الشهادتين، مثل قوله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله  {محمد:19}، وقوله تعالى: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون {الأعراف:158}إلى غير ذلك من الآيات.. فإن كان المقصود بالاعتراض أن المرء يدخل في الإسلام وهو ينكر معنى الشهادتين فهذا كفر صراح، وهاتان الشهادتان هما تفسير لقول القائل: أسلمت لرب العالمين.. فكيف يكون مسلما لرب العاملين وهو لا يقر بالشهادتين، لكن إن عبر عن الشهادتين بهذه الكلمة فقد وقع النزاع بين العلماء هل يكفي لدخوله في الإسلام أم لا، ففي صحيح البخاري وغيره عن المقداد بن عمرو أنه قال: يا رسول الله إني لقيت كافرا فاقتتلنا فضرب يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة وقال: أسلمت لله آقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله.

 قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واستدل به على صحة إسلام من قال أسلمت لله ولم يزد لاعلى ذلك وفيه نظر لأن ذلك كاف في الكف -أي في الكف عنه فقط حتى يتبين أمره- على أنه ورد في بعض طرقه أنه قال: لا إله إلا الله. انتهى.

ولك أن تسأل هؤلاء من أين أخذوا كيفية الصلاة وهيآتها وعدد ركعاتها وتحديد أوقاتها إذا كانوا يصلون، ومن أين أخذوا المقادير في الزكاة ووقت وجوبها إذا كانوا يزكون، ومن أين أخذوا عدد الأشواط في الطواف والسعي إذا كانوا يحجون، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 52104.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات