السؤال
طلقني زوجي وأنا خارج البيت وفي التلفون بأن قالها ثلاث مرات وبعد عشر دقائق التقينا في المنزل وقال لي أنت اليوم طالق وغدا طالق ولفظها أكثر من مرة.
ولكني لم أخرج من المنزل واتصلت بأحد الشيوخ وأخبرني أنها تعتبر طلقة واحدة وبعد ثلاثة أيام أعادني زوجي إلى عصمته بإلحاح مني لأجل أولادي للعلم أن زوجي هو الغلطان وقد طلقني ظلما أعاني ألما نفسيا شديدا فما رأي الشرع في هذا الطلاق أرجو الإجابة؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى :
الطلاق الثلاث في كلمة واحدة أو في كلمات وفي مجلس واحد أو مجالس بدون تخلل رجعة أو عقد من الطلاق المحرم. واختلف الفقهاء في وقوعه ثلاثا أو واحدة، والقول بوقوعه واحدة معتبر .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة أو بكلمات في مجلس واحد أو في مجالس، و لم يكن هذا الطلاق المكرر بعد رجعة ولا بعد عقد : محرم في قول جماهير أهل العلم ، وذلك كأن يقول : " أنت طالق ثلاثا " أو يقول: " أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق " ، يريد التكرار لا التأكيد ، أو يقول لها في مجلس يوم السبت: " أنت طالق " ولم يراجعها فلما جاء يوم الأحد قال لها " أنت طالق " أي طلقة ثانية فلما جاء يوم الاثنين قال: " أنت طالق " أي ثالثة وليس الثانية بعد رجعة ولا عقد ، وكذلك الثالثة فهذا كله محرم.
ودليل ذلك ما روى النسائي من حديث محمود بن لبيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أخبر عن رجل طلق امرأته بثلاث تطليقات جميعا " فقام النبي صلى الله عليه وسلم وهو غضبان فقال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم. واللعب بكتاب الله محرم ، ولأن الطلاق الوارد في الشرع إنما أن يطلقها ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها ثم يطلقها ، كما قال تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
واختلف الفقهاء في وقوع هذا الطلاق ؛ فالجمهور على وقوعه، واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو قول طائفة من أصحاب أحمد وطائفة من أصحاب مالك وطائفة من أصحاب أبي حنيفة وهو مذهب أهل الظاهر؛ أنه لا يقع ثلاثا بل يقع واحدة فقط.
ودليلهم ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس نصا قال : كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ؛ وصدرا من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة .
وفي مسند الإمام أحمد بإسناد جيد عن ابن عباس : أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي واحدة .
واستدلوا أيضا: بأن الشارع قد نهى عنه والنهي يقتضي الفساد .
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى : ولم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد ثابت أنه ألزم بالثلاث لمن طلقها جملة واحدة ؛ وحديث ركانة الذي يروي فيه أنه طلقها ألبتة ؛ وأن النبي صلى الله عليه وسلم " سأله " ؛ وقال : " ما أردت إلا واحدة " ؟ ضعيف عند أئمة الحديث : ضعفه أحمد ، والبخاري وأبو عبيد ، وابن حزم ؛ بأن رواته ليسوا موصوفين بالعدل والضبط . وبين أحمد أن الصحيح في حديث ركانة أنه طلقها ثلاثا وجعلها واحدة. اهـ
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5584، فلتراجع للأهمية.
وعلى ما سبق فلك العمل بقول من أفتاك بأنها طلقة واحدة علما بأن الأورع هو الأخذ بمذهب الجمهور.
والله أعلم .