السؤال
فضيلة الشيخ أرجو تبيين أمر هذا القول .وهو بخصوص الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر على الدوام . مما ترتب على هذا الفعل ترك جمع من المصلين صلاة الفجر في المسجد .وعندما سئلوا عن ذلك تحججوا قائلين: 1.إن الإمام ليس من أهل الاجتهاد لأنه مقلد.
2. قالوا إنه يطيع أمر الجهات المختصة فهي طاعة لغير الله.
3. حكم اعتزالهم شهود صلاة الفجر في المسجد.
4.هل من العلماء قال مثل قولهم؟ نرجو إجابتنا بشكل مباشر على المسألة التي أتعبت أهل العلم وطلابه ليس لدقة المسألة ولكن بسب الخوض فيها بغير علم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا أن بينا أن القنوت في الفجر مختلف في مشروعيته بين العلماء كما في الفتوى رقم: 94697
والفتوى رقم: 18064 .
وحتى على القول بعدم مشروعية القنوت في الفجر فإن قنوت الإمام لا يعتبر مسوغا للتخلف عن صلاة الفجر، ولا نظن عالما يقول بهذا إطلاقا، وقد نص العلماء على أنه ينبغي للمأموم أن يقنت خلف إمامه إذا قنت لأن هذا من الأمور الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: عن قنوت الإمام في الفجر بعد أن بين أن المداومة على قنوت الفجر ليس من السنة : .... لكن من اعتقد ذلك متأولا في ذلك له تأويله ، كسائر موارد الاجتهاد، ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، فإذا قنت قنت معه ، وإن ترك القنوت لم يقنت ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به وقال : لا تختلفوا على أئمتكم. وثبت عنه في الصحيح أنه قال : يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم ..... انتهى من الفتاوى الكبرى ( 2/245 )
وجاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة – مع أنهم يقولون بعد مشروعية قنوت الفجر - : قال في الاختيارات: وإذا فعل الإمام ما يسوغ فيه الاجتهاد تبعه المأموم فيه وإن كان هو لا يراه مثل القنوت في الفجر .
وأما الاحتجاج بأن الإمام يطيع الجهات المختصة وأنها طاعة لغير الله أو أنه مقلد... فهذا كله ليس بحجة للتخلف عن صلاة الفريضة، ولو فرض أن وزارة الأوقاف أمرت الأئمة بقنوت الفجر لم يكن هذا عذرا في التخلف عن الصلاة، كما أن متابعة الإمام لا تقتصر على المجتهد بل حتى لو كان مقلدا فإنه يتابع.
قال شيخ الإسلام في اقتداء المأموم بالإمام إذا فعل الإمام ما يرى عدم بطلان الصلاة به ويعتقد المأموم بطلان الصلاة به: .... تصح صلاة المأموم ، وهو قول جمهور السلف ، وهو مذهب مالك ، وهو القول الآخر في مذهب الشافعي ، وأحمد ، بل وأبي حنيفة، وأكثر نصوص أحمد على هذا . وهذا هو الصواب ، لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطأوا فلكم وعليهم. فقد بين صلى الله عليه وسلم أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم ، ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له ، وأنه لا إثم عليه فيما فعل ، فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد .... انتهى .
فعلى المصلين المشار إليهم أن يتقوا الله تعالى، وأن يكفوا عن إصدار الفتاوى بغير علم، وأن ينتهوا عن التخلف عن صلاة الفجر لغير عذر فإن هذا من تلبيس إبليس .
والله أعلم.