السؤال
أبي متزوج من ثلاث زوجات وله 22 ولدا من الذكور والإناث، أعطى زوجته الأخيرة و ثلاثة من أولادها فقط منزلا دون الآخرين بحجة أنهم أطفال ومقابل تعليمه للأولاد الآخرين مع العلم أن الكل يأخذ حقه في فرصة التعليم حسب تحصيله العلمي وأن هؤلاء الثلاثة أولاد لم يكونوا ناجحين في الدراسة هذا فضلا عن أن بعضا من أولاده الآخرين تنطبق عليهم نفس الحال. فما حكم ذلك وما حكم قبولهم بالعطية مع علمهم أن فيها ظلما وليس عدلا وفيها تقطيعا للأرحام وحبال المودة بين الإخوة وما الواجب عمله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض, والراجح من أقوال أهل العلم-هو وجوب التسوية بين الأبناء والبنات في العطية إذا لم يكن هناك مسوغ معتبر للتفضيل؛ لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلا وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإنى لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد : إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
فتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ نوع من الظلم وذريعة للتباغض والتناحر بينهم، وإذكاء لنار العداوة والبغضاء في نفوسهم، فالواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك.
أما إذا وجد سبب للتفضيل كأن يكون مشتغلا بطلب العلم، أو كان فقيرا كثير العيال ونحو ذلك حينئذ يجوز للأب أن يخصه بشيء من المال دون إخوته نظرا لظروفه وإلى هذا ذهب الإمام
أحمد.
وبناء على ما ذكرته أيها السائل من تفضيل أبيك لبعض أولاده مع اشتراك غيرهم معهم في نفس الظروف فهذا نوع من الظلم والجور، لا بد للأب أن يستغفر الله منه، ويبادر إما بأخذ هذا المال ممن أعطاه لهم، وإما بإعطاء باقي أولاده مثل من أخذ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله. الفتاوى الكبرى.
ويجب على الإخوة الذين فضلوا بالعطاء أن يردوا هذا العطاء وألا يفرحوا بهذا العرض الزائل، الذي لا يغني عنهم من عذاب الله يوم القيامة شيئا، وأن ينصحوا أباهم، ويخوفوه الله تعالى.
ولكنا مع ذلك نذكرك بحق أبيك عليك حتى وإن ظلم وجار، فلا ينبغي أن يؤثر هذا على برك به وصلتك له.
أما الزوجة فله أن يعطيها عطاء يخصها به دون غيرها.
وللفائدة تراجع الفتويين رقم: 6242 ، 28403 .
والله أعلم.