مذهب ابن حزم في سؤر الكلب والخنزير وبولهما وبول الحيوانات

0 317

السؤال

نقل بعضهم عن ابن حزم أنه يقول إن سؤر الكلب نجس أما سؤر الخنزير فهو طاهر هل يصح هذا النقل عنه ؟ وأنه يقول أن بول الخنزير والكلب والبقرة وكل الحيوانات طاهر ؟ فهل يصح هذا عنه ؟ وهل يستساغ مثل هذا الرأي أن ينشر بين الناس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكل ما ذكرته عن أبي محمد بن حزم – رحمه الله- غلط عليه، أما بالنسبة لسؤر الخنزير وما لا يؤكل لحمه فهو يقول بطهارته لكنه يقيد ذلك بما إذا لم يظهر للعابه أثر في الماء، ومفهومه أنه إذا ظهر للعابه أثر في الماء فهو نجس، فهو إذا يقول بنجاسة لعاب الخنزير -لا كما يوهمه ظاهر السؤال- وهذه عبارته من المحلى جـ1 صـ 132: وسؤر كل كافر أو كافرة وسؤر كل ما يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه من خنزير أو سبع أو حمار أهلي أو دجاج مخلي أو غير مخلي – إذا لم يظهر هنالك للعاب ما لا يؤكل لحمه أثر – فهو طاهر حلال، حاشا ما ولغ فيه الكلب فقط.

وأما المسألة الثانية وهو ما زعمه الناقل من أن ابن حزم يقول بطهارة الأبوال والأرواث كلها من مأكول اللحم وغيره فمن أقبح الغلط عليه؛ بل هو عكس مذهبه تماما، فأبو محمد – رحمه الله – يرى نجاسة جميع الأبوال والأرواث من مأكول اللحم وغيره وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وهو وإن كان مرجوحا في الدليل - والراجح التفريق بين المأكول وغيره - لكننا لسنا بصدد تقرير المسألة وبيان الأدلة فيها، وإنما مقصودنا ما تعلق به السؤال من بيان مذهب ابن حزم وإليك عبارته من المحلى جـ 1 صـ 168: والبول كله من كل حيوان -إنسان أو غير إنسان-مما يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه نحو ما ذكرنا كذلك، أو من طائر يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه، فكل ذلك حرام أكله وشربه إلا لضرورة التداوي أو إكراه أو جوع أو عطش فقط، وفرض اجتنابه في الطهارة والصلاة إلا ما لا يمكن التحفظ منه إلا بحرج فهو معفو عنه كونيم الذباب ونجو البراغيث. ثم أطنب في شرح هذه العبارة وأشبع القول في الرد على المفرقين بين المأكول وغيره بما تحسن مراجعته.

إذا علمت هذا فلا يجوز نشر مثل هذا الكلام لما تضمنه من الغلط على أهل العلم، وبهذا الصدد فنحن نحذر من التسرع في نسبة الأقوال إلى غير قائليها بل لا بد من التثبت قبل النقل، وابن حزم ذو باع عريض في العلم كما شهد له بذلك فحول العلماء كالذهبي وغيره، نعم: عنده أغلاط وقعت له بسبب جموده على الظاهر ليس هذا موضع بيانها، وبعض الناس كلما اشتهى قولا ولم يجد قائلا به نسبه إلى ابن حزم، ومنشأ ذلك أنه توهم أن القول الذي اشتهاه هو ظاهر النصوص وابن حزم هو إمام أهل الظاهر فيكون هذا القول المشتهى قولا له، وهذه أوهام قبيحة، بل الواجب التثبت قبل نسبة القول إلى قائله كائنا من كان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة