هل يوجد في الجنة سيارات وطرق إلخ

0 405

السؤال

هل في الجنة سيارات وطرق كما في الدنيا؟ إنني حيران في هذا الموضوع هل ستبقى الأرض والكواكب والنجوم والمجرات على حالها يوم القيامة؟ وهل يمكن لشخص وهو في الجنة أن يزور هذه المواقع والأماكن التي يريدها؟ كيف يمكن للشخص أن يتخلص من الأفكار التي تجعله يكره الدنيا ولا يبالي بها أبدا أبدا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كل ما يشتهيه أهل الجنة يحصلون عليه، لقوله تعالى: وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين... {الزخرف:71}، ولقوله تعالى: جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين {النحل:31} والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير {الشورى:22}.

هذا من حيث العموم، أما ما يدل على وجود السيارات المعروفة عندنا في الجنة فلم يرد بخصوصه نص، ولكن لا مانع إن رغب بعض أهل الجنة في السيارات أن يتفضل الله عليهم بها، وقد وردت أحاديث في تلبية رغبة بعض أهل الجنة في بعض أمور الدنيا التي يحبونها مثل الولد والزرع وأن طلبهم يلبى لهم دون انتظار.

 ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوما يحدث وعنده رجل من أهل البادية: أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له أولست فيما شئت قال بلى ولكني أحب أن أزرع فأسرع وبذر فتبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال فيقول الله تعالى دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وفي هذا الحديث من الفوائد أن كل ما اشتهي في الجنة من أمور الدنيا ممكن فيها قاله المهلب. اهـ .

وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وصححه الألباني.

مع العلم بأن أهم ما يعتنى به هو البحث عن وسائل دخول الجنة والسلامة من النار.

وأما عن الأرض والكواكب والمجرات فهذه كلها تبدل بما يتناسب مع اليوم الآخر وطبيعته، كما قال تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار {إبراهيم:48} وقد كثرت الأقوال في تفسير هذا التبديل، فقيل: إن المراد تبديل الصفات لا تبديل الذوات، بمعنى أن تبديل الأرض يكون بمدها أو بسطها كالأديم. وتبديل السماوات يكون بتكوير شمسها وقمرها وتناثر نجومها. وقيل: يكون التبديل بتبديل ذواتها أي إزالتها، وصححه القرطبي في تفسيره، وفي التذكرة، حيث يخلق الله أرضا أخرى ليحشر عليها الناس. ففي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة نقي ليس فيها معلم لأحد.

 والنقى أي الدقيق النقي من الغش والنخال قاله الخطابي. قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: والمعلم هو الشيء الذي يستدل به على الطريق. وقال عياض: المراد أنها ليس فيها علامة سكنى ولا بناء ولا أثر ولا شيء من العلامات التي يهتدى بها في الطرقات كالجبل والصخرة البارزة. وفيه تعريض بأرض الدنيا وأنها ذهبت وانقطعت العلاقة منها. اهـ.

ومن الأحاديث الصحيحة التي تبين حقيقة ما سيحدث قوله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت, وإذا السماء انفطرت, وإذا السماء انشقت رواه أحمد والترمذي وحسنه، وصححه الألباني. وما سبق هو بعض أقوال المفسرين والعلماء، وفي الكتب متسع لمن أراد المزيد.

وأما عن الزيارة في الجنة لبعض المواقع، فإن كنت تقصد المواقع التي كانت موجودة في الدنيا، فهذه لا إمكان من زيارتها لدخول حياة الآخرة التي قضى الله بأن أهلها لا يرجعون إلى الدنيا مرة أخرى، مع ما سبق من تغير أحوال الكون وتغير الأرض والسماوات.

وأما عن كيفية التخلص من الأفكار التي تجعل الشخص يكره الدنيا، فهذا يكون بمعرفة الحكمة من خلق الإنسان والجنة والنار والكون كله، وقد بينها الله لنا في كتابه فقال: وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون {الذريات:56} فاجعل رضا الله عز وجل وطاعته هي الهدف الأسمى في حياتك، وعليك بإيقاظ الإيمان وتجديده داخل نفسك، فالإيمان مفتاح لكل خير مغلاق لكل شر، ووسائل بعث الإيمان وتمكينه في النفس كثيرة ومتعددة، ومنها الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحات، والحرص على الصحبة الصالحة، وقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به، فالدنيا هي مزرعة الآخرة، وأيامك التي تعيشها هي وقت الزراعة, والحصاد سيكون في الآخرة فلا تضيع زمان عمل الخيرات في الأفكار والوساوس المحبطة، واستمع إلى الخير وتعلم العلم النافع فهو خير وسيلة لدفع الشبهات والأفكار الخاطئة عن النفوس، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.

وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9853، 12222، 28419، 35709، ففيها تفصيل لبعض المواضيع السابقة

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة