السؤال
هل تطبيق الحد مكفر للذنب في المذاهب الأربعة والراجح ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فيرى جمهور الفقهاء أن الحد المقدر في ذنب كفارة لذلك الذنب، وهو أحد القولين في مذهب مالك كما في مواهب الجليل، والشافعي كما في الأم، وأحمد، وهو قول أكثر أهل العلم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الراجح، لما ثبت في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس، فقال: تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه. متفق عليه. أما من تاب واستغفر وأناب، فإن الله لا يتعاظم عنده ذنب أن يغفره، قال تعالى: ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان: 71}.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحدود كفارات ومطهرات لمن اقترف هذه الكبائر، ومن ستره الله ولم تقم عليه هذه الحدود، ولم يتب فأمره مفوض لربه، قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما {النساء: 48}.
وعند الحنفية كما في فتح القدير، الحد غير مطهر، بل المطهر التوبة، فإذا حد ولم يتب يبقى عليه إثم المعصية عندهم.
قال ابن الهمام من الحنفية في فتح القدير: واستدل الأصحاب بقوله تعالى في قطاع الطريق ذلك أي التقتيل والصلب والنفي بأن { لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا } فأخبر أن جزاء فعلهم عقوبة دنيوية وعقوبة أخروية، إلا من تاب فإنها حينئذ تسقط عنه العقوبة الأخروية .
والصحيح هو القول الأول فإن الحديث يدل دلالة واضحة على أن من أصاب حدا من حدود الله وأقيم عليه الحد في الدنيا أن ذلك كفارة لذنبه ولا عقوبة عليه في الآخرة.
وراجع الفتوى رقم: 23576 والفتوى رقم:7320.
والله أعلم.