الأولى تجنب ما قد يؤول بالقائل إلى الوقوع فيما لا يليق بجلال الله

0 427

السؤال

بارك الله فيكم بعثت لكم سؤالا برقم 2192270 وحصلت على الإجابة من أهل علم ثقات أمثالكم نحسبكم كذلك ولا نزكي على الله أحدا وهو من موقع (الإسلام سؤال وجواب) وأرسله لكم لتروا إن كنتم تريدون إضافة شيء عليه وهو تسهيل أقدمه لكم حتى أساعد أهل الإسلام على الخير فنعرف مقدار المجهود الذي تقوموا به فجزاكم الله خيرا, وأرسلت لكم السؤال عندما وجدت تأخيرا من الموقع الآخر ولكنهم أرسلوا لي الإجابة البارحة وعلهم يضيفونها في الموقع قريبا, وكذلك أكرمكم الله لو تجيبوا بما آتاكم الله به من علم وتضعوا الفتوى في الموقع هذا أيضا ليستفيد منها أكبر عدد من المسلمين إن شاء الله تعالى, وفيما يلي نص ما أرسلوه لي:
أسلوب عامي يقرن لفظ الجلالة في كل تعبير للدلالة على المبالغة ما حكم قول حلوة ل الله ، أو بعيدة ل الله ، للدلالة على الكثرة والزيادة :
فمثلا إذا أريد التدليل على أن الشيء بعيد جدا فيقال : بعيدة ل الله ، فيقرن اسم الله تعالى بقوله ، بعيدة ل الله ؛ لأن الله تعالى يدل على العظمة .
فإن عظم عليه شيء أو صعب عليه فيقول صعب ل الله .وهذا قول منتشر بين بعض الناس ، ويقرن كثيرا بكل شيء ، يراد به التدليل على الكثرة ، مثل : قصير ل الله ، طويل ل الله ، حقير ل الله ، قوي ل الله ، غير لذيذ ل الله .
وقول آخر للدلالة على الانزعاج فيقول : أنا واصلة معي لعند الله .
فإن كانت الأقوال السابقة مخالفة لشرع الله تعالى ، ومحرمة ، فمن أي باب حرمت ؟
وما الدليل على هذا ؟
وهل يختلف القول على حسب اقترانه بشيء حسن أو شيء قبيح في الحكم ، فمثلا : جميل ل الله ، تختلف عن قبيح ل الله ؟
الحمد لله
إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بقدر الله ، أو الاستهانة بجلاله عز وجل : كفر باتفاق علماء المسلمين .
أما إن لم يقصد ذلك : فلا يجوز للمسلم – على جميع الأحوال - أن يعتاد مثل هذه الألفاظ في كلامه وخطابه ، وذلك :
1- لأن في اعتيادها جرأة على لفظ الجلالة ، وإشعارا بالتعدي على عظمته وجلالته ، والاستخفاف بحقه ، والواجب على المسلم تعظيم أسماء الله تعالى ، وصيانتها ، وحفظ جلالتها عن كل سبيل قد يؤدي إلى الاستخفاف بها ، أو الوقوع في الخطأ فيها .
2- ثم إن الذي يظهر لنا – من قرائن أحوال قائلي هذه الكلمات – أنها تصدر في أحيان كثيرة عن حنق وغضب يشعر قائلها نفسه أنه قد تجاوز الأدب والحدود مع الله سبحانه وتعالى ، نخص من ذلك قوله : " أنا واصلة معي لعند الله " ، فسوء أدب هذه العبارة ظاهر ، يخشى على قائلها من عقوبتها يوم القيامة ، وكذلك إرداف لفظ الجلالة لبعض الأوصاف السيئة ، كما جاء في السؤال من قول بعض العامة : " حقير ل الله "، فهذا فيما نرى لفظ كفري يخشى على قائله من الردة والعياذ بالله .
3- والله سبحانه وتعالى يقول: ( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ) الحج/30، ويقول عز وجل: ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) الحج/32. يقول الشيخ محمد الخادمي الحنفي رحمه الله : " من آفات اللسان ( ما فيه خوف الكفر )، وهو الذي لم يجزم الفقهاء بإيجابه كفرا ، بل قالوا فيه خوف الكفر ، أو خيف فيه الكفر، أو خطأ عظيم، ( وحكمه أن يؤمر بالتوبة وتجديد النكاح احتياطا) لاحتمال كونه كفرا " انتهى. "بريقة محمودية" (3/168) .
4- وقد فسر بعض أهل العلم قوله سبحانه وتعالى: ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ) البقرة/224 بأن المقصود النهي عن الإكثار من حلف الأيمان ولو كانت بوجه حق ، فكيف إذن بالإكثار من ذكر لفظ الجلالة في كل عبارة تليق أو لا تليق . يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " أي لا تجعلوا اسم الله كالشيء المعرض للقاصدين " انتهى. "التحرير والتنوير" (2/310) وانظر: "تفسير القرطبي" (3/97).

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

 إذا كان قصد المتكلم بما ذكر الاستهزاء، فإن هذا كفر والعياذ بالله، وإذا لم يكن له قصد فالأولى أن يلتمس له أحسن المخارج.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بهذا الموضوع المهم، وعلى مواصلته لنا، ورغبته في مساعدة أهل الإسلام...

ونؤكد على ما جاء في الجواب المذكور، وأنه محمول على ما إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بقدر الله تعالى والاستهانة بجلاله..

وأن الواجب على المسلم تعظيم حرمات الله تعالى وأسمائه الحسنى وصونها عن الابتذال وعن التعريض للامتهان.. يقول الله تعالى: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه {الحـج:30}

 ويقول تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب {الحـج:32}

وقد ذكرنا في الإجابة السابقة أنه إذا كان قصد القائل المبالغة أو التعجب.. أو ما أشبه مما فيه تعظيم لله تعالى ؛ فيمكن أن يحمل على تعظيم الله تعالى أو يكون داخلا في ذكره عند التعجب إذا كان السياق يحتمل ذلك. وانظر الفتوى: 110180 .

والذي يظهر لنا- عند التأمل في هذه الألفاظ- أنها لا معنى لها في حال قطعها عن سياقها وعن الحال- أو المقام- الذي قيلت فيه، وعلى ذلك ؛ فإن معناها والحكم عليها يتوقفان على قصد قائلها وعلى معرفة المعنى الذي سيقت من أجله.

وعلى كل حال ؛ فإن على المسلم أن يبتعد عن مثل هذه الألفاظ الموهمة مهما كان قصده ؛ فالله سبحانه وتعالى عظيم كريم ينبغي أن يصان اسمه ويعظم قال تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم  {البقرة:224} 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات