السؤال
نحن عائلة محافظة وأنا بالحامعة (سنة ثانية) ولا أتكلم مع الشباب واستمر شاب بلفت انتباهي له؛ لأنه معجب بي ويريد أن يتكلم معي, وظللت أصده وظل مستمرا في لحاقي وأخذ رقم تلفوني من صاحبتي وبعث لي مسجا ومع أني لا أرد على الأرقام الغريبة، رددت على المسج لأني كنت أحس أنه هو الشاب نفسه الذي يلاحقني بالجامعة, وكنت أحس أنه يحبني بجد لأنه استمر سنة وهو يلاحقني ولم يمل لأني لم أكن أحكي مع الشباب, وآخر شيء رديت وتعارفنا شهرين وكان كثيرا ما يطلب مني أنا نطلع مع بعض وأنا أرفض وظل يقول: أنت لا تحبيني وأنا أحبك أكثر، وكنت أنا منذ فترة أحب أن ألاقي واحدا يحبني فحكيت معه حتى لا يضيع مني، وخرجت معه وطلب أنه يقبلني على خدي وقبلني وأخذ صورتي, وعرف أهلي ومررت بحالة صعبة وكانت أسوأ فترة بحياتي وأهلي من كثرة ما خافوا علي أجبروني أني أحلف على القرآن أني لا أحكي معه ولا أخرج ولكي يضمنوا تنفيذي لذلك جعلوني أحلف على المصحف، وذلك حفاظا على أمي وخوفا عليها من الجلطة. ولكن بعد الحلف جاء الشاب وصار يسألني عن أخباري طلبت منه أن ينساني وألا يكلمني لأني حالفة على المصحف، وعدني بذلك ولكنه رجع يكلمني لأنه لم يستطع ان يتركني كما ذكر، وأنا اعلم أنه يحبني ولذا لا أريد أن أخسره، ورغم تهربي منه لكني لا أدري ما ذا أفعل معه؟ فنحن في نفس الجامعة ونفس الكلية، وهو يريد ان نكون زملاء، فما هو الحل أنا حلفت على القرآن ألا أكلمه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها السائلة – غفر الله لك - أنك قد وقعت في جملة من المخالفات، منها أنك لم تثبتي على ما كنت عليه من إعراض عن هذا الشاب ومن رفض لمحاولاته في التعرف عليك والحديث معك، بل فتحت له الباب حتى حدث ما حدث، ومنها أنك سمحت له أن يقبلك وهذا لا شك عصيان للرحمن وطاعة الشيطان، ومنها أنك قد خنت العهد الذي أعطيتيه لأهلك على هجران هذا الشاب، ثم بعد أن أقسمت لهم على ذلك حنثت في يمينك ورجعت إلى ما كنت عليه.
كل هذه ذنوب لا بد لها من توبة عاجلة إلى الله جل وعلا فإن العلاقات بين الجنسين خارج رابطة الزواج الشرعي محرمة وفيها من المفاسد ما لا يخفى.
كما أن الكلام بين الأجنبية والأجنبي لا يجوز إلا بشرط التقيد فيه بضوابط الشرع، فالله تعالى يقول للمسلمين في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن {الأحزاب:53}، فإذا كان هذا في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة فكيف بأهل هذه الأزمان؟
فلا يجوز لك –خصوصا بعدما حدث ما حدث - أن تتحدثي مع هذا الشاب أبدا لا بصفة أنكما زملاء، ولا بأي صفة أخرى، وينبغي قطع هذه العلاقة فورا.
وأما الحلف على المصحف فهي يمين شأنها شأن الحلف بالله جل وعلا لأن القرآن كلام الله، والكلام صفة من صفات الله جل وعلا فإن كان الحلف به فهو حلف بالله تعالى وإن كان حلف بالله تعالى لكن مع وضع اليد على المصحف فهو تأكيد وتغليظ لليمين.
قال العيني- رحمه الله -: لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه وقال: وحق هذا. فهو يمين ولا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه الحلف بالمصحف.انتهى.
وقال ابن قدامة في المغنى: إن الحلف بالقرآن يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيها وبهذا قال ابن مسعود والحسن وقتادة ومالك والشافعى وأبو عبيدة وعامة أهل العلم مستدلين بأن القرآن كلام الله وصفة من صفات ذاته فتنعقد اليمين به كما لو قال وجلال الله وعظمته. انتهى.
وطالما أنك قد حنثت في هذه اليمين فتلزمك الكفارة، وقد سبق لنا بيان الكفارة في الفتوى رقم: 459.
أما إن كان هذا الشاب جادا في الزواج منك فعليه أن يذهب إلى أهلك ويخطبك منهم، وبذا يكون قد أتى البيوت من أبوابها.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 204، ، 102118، ، 1769.
والله أعلم.