السؤال
الرجاء بيان مذاهب العلماء والمخرج الشرعي في هذه المسألة، وهي أن امرأة خدعت زوجها وكذبت عليه على مدار ثلاث سنوات، فكانت تطلب منه قروضا لأهلها ولغيرهم، فائتمنها زوجها على هذه المبالغ الكبيرة، لكي تقوم بتوصيلها للمقترضين، واستمر ذلك على مدار ثلاث سنوات، تقترض للناس من زوجها وزوجها يعطيها كقرض لفلان وفلانة، فلما أعسر الزوج وأراد استرداد ماله تبين له أنها كانت تكذب عليه كل هذه السنوات وأن أحدا لم يقترض شيئا وأنها أنفقت كل هذا المال على الناس بحجة أنها كانت تنفقه لله تعالى، علما بأن زوجها ليس بالبخيل وأنه لا يتأخر في واجباته تجاه بيته وأهله، فما الحكم في ذلك علما بأن لها ميراثا من أبيها عبارة عن حصة في منزل أهلها، وعلما بأن زوجها الآن معسر محتاج لماله، فأفتونا مأجورين بالمخرج والحل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن للزوجة حقا في المأكل والمشرب والملبس والمسكن بالمعروف، فإذا بذله الزوج لها فذلك المطلوب، وإذا لم يبذله كان لها أخذه بالحيلة أخذا من حديث عائشة رضي الله عنه أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وفيما عدا ذلك لا يجوز لها أخذ شيء من مال زوجها إلا بإذنه؛ لأن أخذها له بغير إذنه يعتبر من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {البقرة:188}، ومن باب أكل مال امرئ من غير طيب نفسه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
وعليه فإذا كان هذا الزوج قائما بحق زوجته، فما كانت تفعله هذه المرأة يشتمل على محرمات عديدة:
1- الكذب على زوجها.
2- خداعه بأنها تقرض ماله على أن يرد إليه لاحقا.
3- خيانة الأمانة حيث ائتمنها على إقراض أشخاص معينين، فأنفقته هي على أشخاص آخرين بحجة أنه إنفاق في سبيل الله، ولم تذكر المسكينة أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
4- التعرض لسخط زوجها، وبناء على هذا فإنه يجب عليها أن تتوب إلى الله مما ارتكبت من المعاصي، وأن ترد كل ما أخذت من زوجها إليه ما لم يتنازل لها عن جميعه أو بعضه، وعليها أن تستسمحه لعله يعفو عما ارتكبت بجانبه، فإن لم تفعل وكان لها مال فله أن يأخذ من مالها بقدر ما أخذت منه، ولو بدون علمها، وهذا يعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.