السؤال
ما رأيكم في وقول أحد الشعراء وهو يصف حال هذه الأمة وفضل الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة فيقول في بيت الشعر:
لولاه ما قامت حضارات ولا*** شيد صرح في بلاد العرب.لولاه ما نسمع ببغداد ولا*** بعلا قرطبة أو يثرب.هذه الدنيا ومن كان بها*** أو سيأتي عبر كل حقب. لا يساوون إذا ما جمعوا قطرة*** في بحر آلاء النبي.بدمي أفدي ثرى مرقده*** وبأولادي وأمي وأبي.
يعني عندما يقول لولاه... وما حكم من قال لك من الذي أنقذك من البحر. فتقول؟ زيد من الناس. فهل يشترط أن تقول الذي أنقذنا الله ثم زيد أو لا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن فضل الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة وعلى البشرية كلها لا شك فيه، وقد أجمع المسلمون على أنه أفضل خلق الله على الإطلاق كما قال صاحب الإضاءة:
وانعقد الإجماع أن المصطفى * أفضل خلق الله والخلف انتفى.
وقال صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر.. الحديث في الصحيحين..
وقد امتن الله تعالى على أمة العرب ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين {الجمعة:2}، ومع هذا الفضل العظيم والنفع العميم فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن إطرائه، فقال: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله.
وما ذكره الشاعر ينبغي أن يحمل على أن قصده أن النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته العظيمة هي السبب فيما ذكر، وأن إنعام الله على هذه الأمة بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم لا ينكر.. فقد قال صلى الله عليه وسلم للأنصار: ... ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وكنتم عالة فأغناكم الله بي.. وكلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله آمن.. الحديث في الصحيحين وغيرهما.. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 52019.
وقوله: أنه يفديه بنفسه وولده ووالده والناس أجمعين، فمن المعلوم أن الصحابة كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا فيقولون بأبي أنت وأمي.. وأنه لا يكمل إيمان أحد حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه..
وأما قول المسلم: أنقذني فلان فجائز لأنه يقصد به أنه السبب المباشر في الإنقاذ وليس قصده أن فلانا من الناس ينفع أو يضر حقيقة، وهذا كله من باب المجاز، كما يقال: أنبت الماء البقل.. وإلا فإن الفاعل حقيقة هو الله تعالى.
والله أعلم.