حكم ركوب المرأة منفردة مع سائق التاكسي

0 392

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الفاضل أرجو أن تجيبني عن تساؤلاتي وتخرجني بفضل الله من الحيرة التي أنا فيها.. أنا طالبة فلسطينية عمري 21 سنة... أذهب للدراسة في جامعة تبعد عن بيتنا حوالي 27 كيلو مترا.. وأحيانا نمضي تقريبا ساعة في الطريق للجامعة... أمر خلالها على حاجزين إسرائيليين لم أضطر يوما لرفع النقاب أمام الجنود... ولكنهم ينظرون إلى هويتي وفيها صورتي طبعا... وفي بعض الأحيان تأخذني جندية إسرائيلية إلى غرفة مغلقة لتتأكد من صورتي فأكشف أمامها النقاب... ولم أتعرض يوما لإهانة بسبب النقاب أو إيذاء... بل قد يطلب بعض الإسرائيليين مني أن أوضح لهم بعض الأسئلة عن الإسلام لأن منظري يلفتهم.. بقي لي سنة في الجامعة حتى أنهي دراستي، جامعتي مختلطة... ولا يوجد عندنا جامعات غير مختلطة إلا جامعة مختلطة في مدينتي تجيز الدراسة عن بعد حيث لا تذهب الفتاة للجامعة إلا وقت الامتحان ولكن مستواها الأكاديمي سيئ جدا.. ولا يمكن أن أنتقل إليها لأني في جامعتي أدرس بمنحة وأهلي سيرفضون نقلي.. أدرس تكنولوجيا معلومات تخصص علم حاسوب... وإن شاء الله أريد أن أعمل مدرسة بنات في المستقبل حيث إن هذا العمل للنساء وليس فيه اختلاط... في الكلية أحاول قدر الإمكان أن لا أقترب من أماكن تواجد الشباب... مثلا من المستحيلات أن أذهب إلى كافتيريا الجامعة حيث الشباب والبنات في اختلاط فظيع... في قاعة المحاضرات أجلس في الخلف... لا أعمل في مجموعات فيها شباب إلا إذا أجبرني الدكتور.. لا أكلم الأساتذة إلا لضرورة... وإذا تكلمت فبحدود الأدب من غير خلوة معهم في مكاتبهم... وبسبب صعوبة أن أعود كل يوم إلى البيت أعيش في سكن طالبات, السكن عبارة عن خمس طوابق للبنات فقط.. والسكن ملتزم... يعني هناك مراقبة على سلوك البنات.. وممنوع التأخر للعودة إلى السكن بعد المغرب.. ومن تفعل ذلك تعاقب وإن تكرر الفعل تطرد... البنات في هذا السكن أغلبهن صديقاتي وأعرفهن ملتزمات وذوات خلق... لكن السكن قبل فترة تم اقتحامه من قبل ميليشيات السلطة الفلسطينية.. وذلك لأنهم شكوا أن السكن له نشاطات عسكرية بسبب أنه تابع لحزب إسلامي وهو بريء من هذا الاتهام... أنا لست منتمية لأي حزب إسلامي... الحمد لله أحاول أن أكون على المنهج السلفي قدر الإمكان... لكن هذا هو السكن الوحيد الملتزم الذي أعرفه... فهو بشكل عام آمن باستثناء ذلك الاقتحام الذي حصل... سكنات البنات بشكل عام لا يتم اقتحامها لا من قبل الجنود ولا من قبل السلطة... لكن قد يحدث أحيانا أن تحصل اقتحامات لكنها نادرة جدا... فالأغلب هو اقتحام سكنات الشباب... ثم إن السكن موجود في محيط سكني من العائلات وفي منتصف المدينة... يعني عند وجود أي خطر قد تهب العائلات للمساعدة... تبعد الجامعة عن السكن مسافة تقريبا ربع ساعة سيرا على الأقدام... ولكن قد تأخذ خمس دقائق بالسيارة... والطريق بين الجامعة والسكن هو طريق عام مزدحم بالناس والسيارات... فهل ركوبي مع سائق للوصول للجامعة حرام إذا كنت وحدي معه، خاصة أن الطريق كلها على بعضها لا تأخذ خمس دقائق بالسيارة والطريق رئيسي مزدحم بالناس... وأنا منتقبة... طيب لو كان هذا حراما لو اتفقت أنا وأخت أن نركب المواصلات ذهابا وإيابا في الطريق للجامعة فهل تبقى الحرمة قائمة، وماذا عن المواصلات من الجامعة إلى البيت.. حيث تأخذ الطريق قرابة الساعة... لو اتفقت أنا ومجموعة بنات.... فهل تبقى الحرمة قائمة... وهل يجب وجود محرم، وما العدد الأدنى من البنات اللاتي لو رافقنني تزول الحرمة، صعب أن أجبر أحدا من أهلي أن يوصلني خاصة أنهم غير ملتزمين... وسوف يسخرون مني لو طرحت هذا الأمر وسوف أتعرض لبهدلة وشتم وسباب من قبلهم لو جربت أن أفعل هذا... فماذا أفعل كيف أحل هذا الأمر...ماذا أفعل ما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخلوة المرأة برجل أجنبي عنها محرمة شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.

ولأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.

وركوب الفتاة مع سائق التاكسي أو الباص منفردة يعتبر من الخلوة المحرمة، فلا يحل لك -أيتها السائلة- أن تفعلي ذلك، لأن الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم ربما وسوس وزين حتى يهون أمر الذنب فتنفتح أبواب الفتن والشهوات.

 أما إذا وجدت معك امرأة أخرى كإحدى زميلاتك مثلا فإن الخلوة تنتفي عندئذ، وبالتالي تنتفي الحرمة.

وأما بالنسبة للمواصلات من البيت إلى الجامعة فإنك ذكرت أن المسافة حوالي سبعة وعشرين كيلو مترا تقريبا، والعلماء قد اتفقوا على حرمة سفر المرأة بدون محرم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها. متفق عليه..

 ثم اختلفوا بعد ذلك في حد السفر الذي تتعلق به الأحكام من قصر في الصلاة وفطر في الصيام وتحريم السفر بدون محرم بالنسبة للمرأة، والراجح من أقوالهم ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: كل اسم ليس له حد في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف، فما كان سفرا في عرف الناس فهو السفر الذي علق به الشارع الحكيم. انتهى من مجموع الفتاوى.

وقال الحافظ في الفتح: وقال النووي: كل ما يسمى سفرا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم.

 وبناء على ذلك فلو كانت هذه المسافة يطلق عليها في عرفكم أنها سفر فلا يجوز لك أن تسافري إليها إلا مع محرم، وإن لم تكن كذلك فلا يشترط لها المحرم، والذي يظهر أن هذه المسافة لا تعتبر الآن من قبيل السفر، وبالتالي فلا يشترط لها المحرم فلو اتفقت مع بعض زميلاتك على الركوب في وسيلة المواصلات فلا حرج إن شاء الله تعالى.

 وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4091، 19305، 94708.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة