السؤال
أنا شاب ملتزم منذ 7 سنوات والحمد لله لكنني أواجه مشكلة عندما أنصح بعض الإخوان بالابتعاد عن بعض البدع فينكرون علي ذلك مدعين أنها بدع حسنة كالمصافحة بعد الصلاة بجملة -تقبل الله- وصيام 15 من شعبان والدعاء الجماعي بعد الصبح والعصر, فهل أكف عن ذلك أم أتابع نصحهم مع أنني أتضايق نفسيا وأتهم من قبلهم بالوهابي, فأفيدوني؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما مسألة المصافحة بعد السلام، فقد نقل السفاريني عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه سئل عن المصافحة بعد العصر والفجر هل هي سنة مستحبة أم لا؟ فأجاب بقوله: أما المصافحة عقب الصلاة فبدعة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستحبها أحد من العلماء. قال السفاريني: ظاهر كلام العز بن عبد السلام من الشافعية أنها بدعة مباحة، وظاهر كلام الإمام النووي أنها سنة. قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: قال النووي: وأصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال لا يخرج ذلك عن أصل السنة. قال الحافظ: وللنظر فيه مجال، وبعضهم أطلق تحريمها (غذاء الألباب، وانظر فتح الباري).
وفي حاشية ابن عابدين: قد يقال إن المواظبة عليها بعد الصلوات خاصة قد يؤدي الجهلة إلى اعتقاد سنيتها في خصوص هذه المواضع وأن لها خصوصية زائدة على غيرها، مع أن ظاهر كلامهم أنه لم يفعلها أحد من السلف في هذه المواضع... ونقل في (تبيين المحارم) عن (الملتقط) أنه تكره المصافحة بعد أداء الصلاة بكل حال لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما صافحوا بعد أداء الصلاة ولأنها من سنن الروافض. وقد سبق بيان حكم المصافحة بعد الصلاة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8063، 2168، 56180.
وكذا يوم النصف من شعبان لا يشرع تخصيصه بصيام، قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى والرسائل: الصحيح أن صيام النصف من شعبان أو تخصيصه بقراءة أو بذكر لا أصل له، فيوم النصف من شعبان كغيره من أيام النصف في الشهور الأخرى، ومن المعلوم أنه يشرع أن يصوم الإنسان في كل شهر الثلاثة البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.
وقد سبق أنه لم يثبت في السنة تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام، في الفتويين: 2072، 11713، كما سبق بيان بدعية تخصيص ليلة النصف من شعبان أو يومه بعبادة معينة في الفتوى رقم: 1554 .
وكذا الدعاء الجماعي بعد الصلاة لا يشرع، كما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الدعاء الجماعي بعد الصلاة بدعة لا أصل له في الشرع، والمشروع الذكر، والدعاء بالوارد بعد السلام من كل مصل بمفرده. انتهى. وقد سبق بيان بدعية الذكر والدعاء الجماعي بعد الصلاة في الفتوى رقم: 1000، والفتوى رقم: 44624. ويمكنك مراجعة ضابط البدعة في الفتوى رقم: 631.
فهذه هي المسائل الواردة في السؤال، ولكن نود أن ننبه السائل الكريم إلى أن مثل هذه المسائل التي قد انتشر العمل على خلافها في بعض البلدان، ينبغي أن يتحلى المنكر لها بالصبر والحكمة، كما يجب أن يتسلح بالعلم الشرعي الذي يؤهله أن يعرف متى يتكلم، وكيف يتكلم، وبماذا يبدأ؟ فدعوة الناس إلى التمسك بالسنة وترغيبهم في المحافظة على الهدي النبوي عموما، وتعريفهم معنى البدعة وتنفيرهم عنها وترهيبهم منها، هذه الأمور يجب أن تسبق إعلامهم بكون هذا الشيء بعينه بدعة، لاسيما في الأمور التي صارت مستحكمة، خاصة إذا وجد من أهل العلم من يفتي بجوازها.
ثم ينبغي أن يدرك السائل أن الإنسان إذا لم يكن علمه محل ثقة عند الناس، فمن المستبعد أن يقبلوا كلامه، فابدأ أولا بتعليم الناس ما يجهلونه مما تتحتم معرفته من أمور دينهم، ولا تبدأ أول ما تبدأ بالإنكار عليهم فتخسرهم، وعلى أية حال فالدعوة إلى الله تعالى تحتاج لصبر ومصابرة، وتقبل لمشاقها وتحمل أذى الناس في سبيلها، كما قال لقمان لابنه: يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {لقمان:17}.
والله أعلم.