السؤال
أنا واقعة في حيرة من أمري الموضوع أن لدي أخوين يرغبان في الزواج وأحدهما يرغب في إقامة عرس لم يشهد مثله وفي أرقى الفنادق وليس لديه مال لذلك لذا ستقوم أمي بأخذ قرض من بنك ربوي لتسدد هذه التكاليف الباهظة للعرس ورغم تحذيراتي الكثيرة من أن هذا المال حرام وربا إلا أنه لا حياة لمن تنادي, وأنا الآن لا أعرف كيف أتصرف فأنا أعلم علم اليقين أنه لا يجوز لي المشاركة بأي شكل من الأشكال معهم ولا يجوز أن آكل من طعامهم وأنا أعلم أنه من مال ربوي والمشكلة أننا نسكن في بيت واحد أنا وأمي وإخوتي وطعامنا مشترك وملبسنا مشترك وكل مصاريفنا مشتركة فما الحل هل أستقل عنهم ماديا علما بأني أعمل ولي راتبي فهل أمتنع من الأكل معهم والخروج معهم وأنا أعلم أن الأموال التي يصرفونها أموال حرام وربا أم ماذا أفعل.والمشكلة أني نصحتهم أكثر من مرة وأقرنت قولي بأدلة من الكتاب والسنة وأنهم يحاربون الله في حال أكل الربا عن سبق إصرار وعلم بحرمته ومع ذلك يتم تجاهلي ويقولون إن الناس كلهم في هذا الزمن يأكلون الربا وهذا أمر عادي وأن الله غفور رحيم وأنا أرى أن هذا إصرار على أكل المال الحرام والربوي، فما الحل وأنا أعلم أنه حرام ولا يجوز وأنه من الممكن إقامة عرس صغير عادي من أموال حلال وأنه لا حاجة للبذخ وصرف كل هذه المصاريف من أموال ربوية، كما أن الوالدة كبيرة في السن وستحال للتقاعد بعد سنتين أي أنها لن تستطيع سداد قيمة القرض كله قبل تقاعدها مما يتحتم أن أسدده أنا لأن إخواني الشباب سبق أن أخذوا قروضا ربوية من البنوك وأنفقوها في سفراتهم وسياراتهم وغيرها من الأمور التافهة ولا يستطيعون سداد قرض أمي في حال تقاعدها فما الحكم في هذه الحالة وكيف أتصرف هل أشاركهم عرسهم ومأكلهم ومشربهم وأنا أعلم أنه من أموال حرام، وهل أسدد أنا هذا القرض الربوي لاحقا مع علمي بأنه مال حرام، وهل أأثم في حال امتناعي عن مشاركتهم والسداد عن أمي في ما يريدون أخذا بقول لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق!فأفيدونا أفادكم الله وجزاكم خيرا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاقتراض بالربا حرام باتفاق العلماء، وإذا اقترض الإنسان قرضا ربويا لإنفاقه في إقامة مثل هذا العرس الذي يمكن الاستغناء عنه فإنه يأثم لإسرافه فضلا عن إثم الاقتراض بالربا، هذا إن سلم هذا العرس من المنكرات المصاحبة لكثير من الأعراس، وقد دل على حرمة الاقتراض بالربا ما رواه مسلم عن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. وموكله أي معطيه لمن يأخذه، والواجب على المسلم الحذر من الوقوع في هذه الكبيرة، وألا يحتج بوقوع كثير من الناس في هذا المنكر العظيم.
وأما الإسراف فهو خلق مذموم، أفتى العلماء بحرمته، قال السرخسي في المبسوط: وأما السرف فحرام، لقول الله تعالى: ولا تسرفوا. وقال جل وعلا: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا. وذلك دليل على أن الإسراف والتقتير حرام، وأن المندوب إليه ما بينهما. انتهى.
والواجب عليك هو النصح لأسرتك في لين ورفق وبيان حرمة الربا وعظيم الإثم في الاقتراض بالربا، فإن تابوا عن ذلك وندموا فيرجى لهم أن تقبل توبتهم، ومن تاب من الاقتراض بالربا فالواجب عليه هو سداد القرض وإن استطاع أن لا يرد الفوائد فلا يردها.
أما ما اشتراه من هذا القرض فقد صار ملكا له ولا حرج عليه في الانتفاع به، لأن إثم القرض الربوي يتعلق بذمة المقترض لا بعين المال، ولذا فإن مشاركتهم في العرس جائز إذا خلا من المنكرات، وكذلك المشاركة في غير ذلك من المأكل والمشرب، كما يجوز أن تقومي بسداد القرض الربوي دون الفوائد إلا إذا كان هناك ضرر من عدم سداد الفوائد، وإذا كان لامتناعك عن مشاركتهم في المأكل والمشرب تأثير على تركهم التعامل بالربا، فينبغي لك الامتناع عن ذلك مع التأكيد على المحافظة على بر الأم وصلة الرحم، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، وأن يقر عينك بتوبة أسرتك من الاقتراض بالربا... ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16659، 19064، 25156، 70776، 95558، 97703، 99553.
والله أعلم.