الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اشتغال المسلم بالمحاماة في ظل تحكيم القوانين الوضعية من المسائل التي لأهل العلم فيها قولان: فالقول الأول: المنع بإطلاق، القول الثاني: يجوز تولي المحاماة تحقيقا لبعض المصالح أو دفعا لبعض المفاسد، وإعمالا لقاعدة الضرورة، واستيفاء للحقوق واستخلاصا للمظالم عند انعدام البديل الشرعي، و إن اضطر الموكل إلى الترافع إلى محكمة وضعية، كأن تقام ضده الدعوى، أو لا يوجد غيرها في بلده، جاز للمحامي الدخول معه، مع مراعاة ما يلي:
1ـ أن يراعي حكم الشرع ابتداء في أصل القضية، فلا يترافع إلا إذا علم مشروعية الدعوى ومضمونها.
2ـ لا يجوز له الدفاع عن موكله في أمر يعلم بطلانه.
3ـ لا يجوز له المطالبة عنه بحق ليس له.
4ـ يجب عليه أن يبين الحق وأن يقول الصدق.
أما حكم إحياء الأرض الموات الوارد في الحديث الذي أشرت إليه فما كان من الأرض مواتا لم يعلم تقدم ملك لأحد عليه، فهو لمن أحياه بالسقي أو الزرع أو الغرس، ولا يحق للسلطان نزعها منه بعد ذلك.
وعلى هذا إن كان المدعي له الحق في تملك الأرض فلا بأس أن تقوم برفع الدعوى عن هذا الشخص بالضوابط المذكورة، ومن أهمها أن لا تفعل محرما من الكذب أو الحلف الكاذب فلا يجوز لك أن تحلف يمينا كاذبا أو تشهد شهادة زور، ويمكنك استخدام المعاريض والتورية في حال الاضطرار.
وننبهك إلى أن موكلك يجوز له أن يحلف يمينا كاذبا إذا تعين ذلك لاستخلاص حقه لأنه مضطر لذلك، أما أنت فلا ضرورة في حقك، كما أن التوكيل في حلف اليمين لا يجوز لأن الأيمان لا تدخلها النيابة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يصح التوكيل في الشهادة... ولا يصح في الأيمان والنذور لأنها تتعلق بعين الحالف والناذر، فأشبهت العبادات البدنية والحدود. اهـ.
وقال الخرشي في شرح مختصر خليل: الوكالة تصح في قابل النيابة كما مر لا في الأيمان لأنها أعمال بدنية اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1028، 12468، 18505، 28225، 50062، 100903. 111440.
والله أعلم.