السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شهد منكم، وليس شاهد منكم!!! لأن الله سبحانه وتعالى يقول -فمن شهد منكم الشهر فليصمه-، بمعنى من علم وتأكد و أيقن منكم- بدليل القرآن الكريم: {شهد الله أنه لا إلـه إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئما بالقسط لا إلـه إلا هو العزيز الحكيم }، فلا أحد رأى الله سبحانه وتعالى، لا من الملائكة ولا من أولي العلم، ومع ذلك فقد اعتبرهم الله شاهدين. يقول الله تعالى {يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون}: أي تعلمون، ويقول كذلك: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى}، ونحن حين نعبر عن إيماننا بالقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله- مع أننا لم نر الله سبحانه رؤية العين، وهو ما يفهم منه أن كلمة شهد غير مقصورة على الرؤية البصرية فقط.. وقال الله أيضا: {وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه... } الرجل الذي لم ير شيئا بعينيه ولم يكن حاضرا في المكان، ومع ذلك اعتبره الله سبحانه وتعالى شاهدا بفضل استدلاله العقلي، وهذا القياس يبين أنه قد شهد الهلال كل من علم بظهوره سواء رؤية العين أو بأية وسيلة من وسائل الإدراك والعلم وسواء كان في البلاد أو خارجها، وقال صلى الله عليه وسلم: {صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأتموا العدة ثلاثين} لرؤيته الهاء تعود عليه أي: على الهلال إذا تمت رؤيته وشوهد، وليس شرطا أن يراه كل المسلمين، ففيهم الأعمى وضعيف البصر والمسجون ووالله جعل رمضان لاختبار إيمان المؤمنين وطاعتهم، وليس لقوة بصرهم، فلماذا إذن تتجاهل بعض الدول شهر رمضان وهي تعلم: تشهد بدخوله أو خروجه عند غيرها في البلاد الإسلامية، ولماذا لا تلتزم إلا برؤية من داخل حدودها الجغرافية التي رسمها لها القانون الدولي، خاصة أن الله سبحانه لم يأمر أحدا بصفته الوطنية ولكن بصفته العقدية: {يا أيها الذين آمنوا..} {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج..} ولكن بعض المسلمين لا يتعاملون مع الشهر القمري على أنه عام على أهل الأرض جميعا وللناس كافة، ولكن يعتبرونه شأنا وطنيا وبلديا ومحليا..، وكأن الهلال منتظما في هيئة الأمم المتحدة، إن التفاوت بين الدول الإسلامية في التقويم القمري سيظل ينتج تاريخاهجريا مختلا طالما بقي الاختلاف، وسيظل العديد من الناس ينظرون إليه بعين الريبة والشك ولا يعرفون: أي البلاد التي توافق ليلة القدر الحقيقية، خاصة أن الله ذكرها بالإفراد ولم يقل ليلتان أو ليالي القدر، وأي البلاد توافق ذكرى المولد النبوي الشريف، ويوم عرفة وكل المناسبات الدينية، ففي اليوم الذي يقرر المسلمون توحيد التقويم القمري، فلا يجوز بعدها لأي واحد أن يعترض أو يخرج عن إجماع المسلمين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا تجتمع أمتي على ضلال؟