السؤال
قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) سورة هود الآية 46، ما معنى هذه الآية ؟
وما معنى قوله تعالى: فلا تسألن ما ليس لك به علم .
وما هي الأدعية التي يمكن أن ندعو بها ونكون بذلك قد سألنا الله تعالى ما ليس لنا به علم؟؟
لا أعرف هل وضحت سؤالي: يعني كيف نتجنب الوقوع في سؤال الله تعالى ما ليس لنا به علم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قوله تعالى: إنه ليس من أهلك معناه إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم لأنه كان مخالفا لدينك وكافرا بالله، وكان ابنه لأن الله تعالى قد أخبر نبيه بذلك.
وهذا التفسير رجحه الطبري والقرطبي وردا قول من زعم نفي نسبه، قال القرطبي: قال ابن عباس: كان ابنه لصلبه وكذلك قال الضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وغيرهم. وقيل لسعيد بن جبير يقول نوح: (إن ابني من أهلي) أكان من أهله ؟ أكان ابنه ؟ فسبح الله طويلا ثم قال: لا إله إلا الله ! يحدث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أنه ابنه وتقول إنه ليس ابنه ! نعم كان ابنه ولكن كان مخالفا في النية والعمل والدين، ولهذا قال الله تعالى: إنه ليس من أهلك.
قال القرطبي: وهذا هو الصحيح في الباب إن شاء الله تعالى لجلالة من قال به. اهـ
ومعنى قوله تعالى إنه عمل غير صالح إنه ذو عمل غير صالح ثم حذف المضاف وجعل نفس العمل، كذا قال الزجاج وغيره، والمراد به الابن وهو كفره وتركه لمتابعة أبيه، وقيل: المراد إن السؤال المنهي عنه في الآية عمل غير صالح أي: سؤالك إياي أن أنجي كافرا عمل غير صالح؛ كما قال الواحدي في التفسير وغيره.
وضابط السؤال الممنوع هو الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع، ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول ما الاستعجال ؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر ويدع الدعاء.
وقال الشوكاني في تفسيره: نهاه عن مثل هذا السؤال، فقال: فلا تسألن ما ليس لك به علم، لما بين له بطلان ما اعتقده من كونه من أهله فرع على ذلك النهي عن السؤال، وهو وإن كان نهيا عاما بحيث يشمل كل سؤال لا يعلم صاحبه أن حصول مطلوبه منه صواب، فهو يدخل تحته سؤاله هذا دخولا أوليا، وفيه عدم جواز الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع، وسمي دعاءه سؤالا لتضمنه معنى السؤال. إني أعظك أن تكون من الجاهلين أي أحذرك أن تكون من الجاهلين؛ كقوله: يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا، وقيل المعنى: أرفعك أن تكون من الجاهلين. قال ابن العربي: وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحا عن مقام الجاهلين ويعليه بها إلى مقام العلماء العاملين.
وفي ما ذكر رد على سؤالك الأخير فإن دعاء المرء بما يخالف الشرع أو بما لا يعلم موافقته للشرع هو من الدعاء المنهي عنه.
وطريقة الخلاص من هذه الآفة أن لا يحلف الإنسان إلا بما يعرف مطاقبته للشرع.
والله أعلم.