السؤال
الحمد لله على نعمة الإسلام وعلى الصحة وعلى كل شيء
الحمد لله فأنا سليم من الناحية الجنسية ويحدث لي انتصاب صباحي ولكن المشكلة التي تعكر حياتي هي
هل الفراغ العاطفي أو الكبت العاطفي له علاج في ديننا الإسلامي وأنا لا أقصد الفراغ الجنسي أو الكبت الجنسي بل كل ما أقصده هو أني نفسي أعيش قصة حب مع فتاة وهو حب طاهر شريف خال من القبلات والأحضان وأبحث عن ذلك في كل أنثى أراها أو حتى أحلم بها مع نفسي بدون أدنى شهوة جنسية ومع زيادة العلم فأنا غير متزوج و فقير ماديا فأرجو حلا لحالتي وهل ما أفعله حرام أم حلال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي السائل أن الفراغ العاطفي سببه غفلة القلب عما خلق له من معرفة الله ومحبته والأنس به والشوق إلى لقائه، وإقباله على الشهوات الزائلة والأماني الباطلة والخواطر الفاسدة الرديئة، وتعلقه بالدنيا واطمئنانه بها ورضاه بزينتها الفانية، فالقلب إذا خلا من معرفة الله وعبادته وطاعته بقي فارغا خاويا، فأتاه الشيطان على هذه الحال فبذر في قلبه بذر الباطل والضلال، وأغراه بالدنيا وزينها له وحببها إليه، فصار قلبه مرتعا للأماني الباطلة والخيالات الفاسدة، ومن هنا يحس الإنسان بالفراغ والوحشة ذلك أن في القلب كسرا لا يجبره إلا محبة الله، وفيه شعثا لا يلمه إلا الإقبال على مولاه.
فليبادر العبد إلى تدارك أمره والإقبال على شأنه قبل أن لا يتمكن من ذلك إذا نزل به الموت، وليعلم أن الإنسان في الآخرة إنما يكون على مثل حاله في الدنيا فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، وقد حكى الله سبحانه عن قلوب أهل الباطل والضلال في الآخرة أنها هواء فارغة لا شيء فيها فقال سبحانه: لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء {إبراهيم: 43}، قال الطبري معناه: أنها خالية ليس فيها شيء من الخير، ولا تعقل شيئا، وذلك أن العرب تسمي كل أجوف خاو: هواء. انتهى.
فبادر أخي السائل إلى إصلاح حالك ، واعلم أن الإسلام لا يعترف بشيء من الحب بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه إلا تحت مظلة الزواج الشرعي، وليس هناك ما يسمى بالحب العفيف بين رجل وامرأة أجنبية، وخلو العلاقة من الأحضان والقبلات -كما ذكرت- لا يجعلها مباحة ولا مشروعة إذ مجرد الخلوة بين الرجل والمرأة محرمة، ومجرد العلاقة ممنوعة إلا في ظلال الزواج.
أما حكم هذه الأحاديث النفسية التي تشغل بالك وخاطرك فيختلف حكمها بحسب حالك معها، فإن كان الأمر في حدود حديث النفس فصرفته ولم تسترسل معه فهذا لا حرج فيه بل هو معفو عنه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري وغيره. جاء في فيض القدير: قال النووي رحمه الله عقب إيراده هذا الحديث قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره فمن خطر له الكفر مجرد خطور من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه. انتهى.
أما إذا استرسلت مع هذه الخواطر وتلذذت بها وخضت فيها وعزمت على فعلها عندما تسنح الفرصة عند ذلك يدخل الأمر في حيز الحرمة والمنع، جاء في فتح الباري: قال المازري: ذهب ابن الباقلاني يعني ومن تبعه إلى أن من عزم على المعصية بقلبه ووطن عليها نفسه أنه يأثم " ونقل بعد ذلك قول القاضي عياض" أن عامة السلف وأهل العلم على ما قال ابن الباقلاني لاتفاقهم على المؤاخذة بأعمال القلوب. انتهى بتصرف.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم:9360، 28477، 35373.
والله أعلم.