السؤال
ما هو موقف المسلم من التعارض بين بعض الآيات القرآنية الواضحة الحكم والدلالة وبين فتاوى العلماء ومن أمثلة ذلك:-
(وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا)
أي أن الشرط هو الخيفة من فتنة الذين كفروا في حين أن العلماء يفتون أن القصر جائز في السفر على عمومه.
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)
(فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )
بدون تحديد ومعلوم أن الحكم هو الرجم للمحصنين
( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير)
في حين أن العلماء يفتون بحرمة أكل أشياء أخرى مثل الحمير الوحشية وغيره.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأولا: ننبه السائل إلى أن مصدر الأحكام في الإسلام: القرآن والسنة، وقد أجمع العلماء على أن السنة حجة، ولا يخالف في هذا إلا مارق من الدين ومخالف لجماعة المسلمين، فعن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه. رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وأما عن الآية التي ذكرت قصر الصلاة، فقد روى مسلم في صحيحه عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. فقد أمن الناس. فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته. صحيح مسلم.
وأما عن الرجم للمحصن فهو ثابت بالقرآن في الآية التي نسخت تلاوتها، وبالسنة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. متفق عليه.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة فكان فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. صحيح ابن حبان.
وتراجع في الجمع بين قوله تعالى: فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وكون حد المحصن الزاني هو الرجم وهو لا يتنصف الفتوى رقم: 97292، والفتوى رقم: 68357.
وأما عن تحريم بعض ما لم يرد تحريمه في الآية فقد ورد في السنة تحريم الحمر الأهلية، كما ورد في الحديث الذي سبق ذكره، وعن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذى ناب من السباع، وعن كل ذى مخلب من الطير. صحيح مسلم.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8407.
والله أعلم.