السؤال
اختلفت مع أحد أصدقائي فى موضوع وأريد أن أسأل إن كان رأيي صحيحا أم لا حيث كان الموضوع حول الظالمين لنا بشكل عام وخاصة المسوؤلين حيث أقول إني لا أريد لهم الهداية من الله حتى يعذبهم، أما زميلي فيقول فلا حيث لا بد أن أطلب لهم الهداية طالما أنهم مسلمون ولكني احتججت عليه بقصة أحد الأنبياء الذي دعا على قومة وأعتقد أنه سيدنا نوح أو سيدنا موسى وتذكرت قصة لسيدنا محمد أريد أن أتأكد منها وهي أنه قال مرة لسيدنا عمر ابن الخطاب إنك شديد فى الحق مثل سيدنا نوح الذي دعا على قومة وإنك يا أبا بكر رفيق بقومك مثل سيدنا إبراهيم فأفيدوني في هذا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستدلال على عدم إرادة الهداية لعصاة المسلمين بدعاء نوح وموسى عليهما السلام على قومهما هذا استدلال في غير محله، لأن قومهما كانوا كفارا ولم يكونوا مسلمين، وكان دعاؤهما أيضا بعد أن علما أنه لا خير يرجى فيهم، فقد أخبر الله نوحا أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، وكذا دعاء موسى على فرعون وقومه كان بعد أن علم أنهم هالكون لا خير فيهم، كما قال الله عن موسى أنه قال لفرعون: وإني لأظنك يا فرعون مثبورا {الإسراء:102}، قال القرطبي: الظن هنا بمعنى التحقيق، والثبور: الهلاك والخسران.. انتهى.
ولذا قال القرطبي أيضا في تفسير سورة هود عند ذكر دعاء موسى على فرعون: .. وقد استشكل بعض الناس هذه الآية فقال: كيف دعا عليهم وحكم الرسل استدعاء إيمان قومهم، فالجواب أنه لا يجوز أن يدعو نبي على قومه إلا بإذن من الله، وإعلام أنه ليس فيهم من يؤمن ولا يخرج من أصلابهم من يؤمن.. انتهى..
وفي المقابل أيضا لا يجب على المسلم أن يدعو بالهداية للظالمين كما زعم صاحبك بقوله (لا بد أن أطلب لهم الهداية..)، والذي جاءت به الشريعة هو استحباب الاستغفار للمسلمين والمسلمات والحرص على هداية الخلق، وقد كان من شدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هدايتهم أنه يتحسر على عدم استجابتهم ويحزن عليهم، فقال الله له: فلا تذهب نفسك عليهم حسرات {فاطر:8}، وقال له: فلعلك باخع نفسك {الكهف:6} أي قاتل نفسك.
كما جاءت الشريعة أيضا بجواز دعاء المظلوم على ظالمه ولو كان الظالم مسلما ولكن شريطة ألا يعتدي في دعائه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 20322، والفتوى رقم: 46898.
والله أعلم.