تشاجر مع شخص فسب محارمه فكيف يرد عليه

0 225

السؤال

حدثت مشاجرة بيني ؤ بين شخص أشتغل معه فسب محارمي وأسيادي فهل من المفروض أن أكسر رأس هذا الشخص عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة ديوث. أي الذي لا يغار على عرضه، فما العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه مما لا شك فيه أن سب المسلم وشتمه وإهانته أمور كلها في غاية الحرمة والإثم، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.

وقال كذلك: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه الترمذي.

إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على تعظيم المسلم وصون عرضه، وعليه فالواجب على هذا الرجل الذي سب محارمك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يستسمحك فيما قام به تجاهك، فإن تاب واعتذر، فاقبل عذره وسامحه، وإن أصر على فسقه وعدوانه، فإنك معه بالخيار بين أمور ثلاثة:

أولها وأفضلها: أن تصبر عليه وتعفو عنه وتقابل إساءته بالإحسان طلبا لعفو الله ومغفرته قال عز وجل: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم {النور: 22}.

وقال تعالى: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين {آل عمران: 134}.

وقال سبحانه: ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم {فصلت:34-35}.

ثانيها: أن تترك عقابه وتمسك عن العفو والصفح أيضا ليلقى ربه بجرمه وخطيئته فيحاسبه على ذلك.

ثالثها: أن تنتصر منه فلك أن تسبه هو إن كان قد سبك في ضمن سبابه، فتسبه حينئذ بمثل ما سبك به، ولكن لا يجوز لك أن تسب محارمه كما سب محارمك ؛ لأنهم لم يظلموك فلا تحملهم وزر هذا الظالم ؛ فقد قضى الله سبحانه فقال: ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون {الأنعام: 164}،.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول: قبحك الله، فيقول: قبحك الله، أو أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله، أو يقول: يا كلب يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير. فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه، وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه، لأن أباه لم يظلمه. انتهى.

وأما أن تضرب هذا الشخص أو تشج رأسه كما تقول فهذا لا يجوز، بل إنك إن فعلت ذلك صرت معتديا، فقد سبق أن بينا لك أنه لا يجوز لك الانتصار منه إلا بمثل ما نال منك، واعلم أن عفوك عنه وتركك لأذاه ليس من الدياثة في شيء، فإن الديوث هو الذي لا يغار على عرضه بمعنى أنه يقر فيهم الخبث والفواحش ويخلي بينهم وبينها مع علمه بذلك لقلة غيرته وفساد قلبه وذهاب دينه والعياذ بالله، قال  صلى الله عليه وسلم: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث. رواه أحمد وصححه الألباني.

 وجاء في بعض روايات الحديث: قالوا: يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5338، 38240، 62602، 97992.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات