حرمة السحاق والاستماع إلى نساء يتحدثن بشأنه

0 511

السؤال

لي أخ متزوج وهو في الأربعين من عمره الآن، يحب زوجته حبا شديدا ولا يستطيع الاستغناء عنها، مشكلته أنه يشتهي الحديث الذي يدور بين السيدات في موضوع الجنس، وقد طلب من زوجته أكثر من مرة أن تقوم بهذا تليفونيا مع إحدى الفتيات ووافقته مرة واحدة ثم أصبحت ترفض وبشدة حتى وإن وصل الأمر للطلاق..وبالتأكيد الرفض لسبب ديني، عندما سأل أخي عن حكم السحاق في أحد المواقع الإسلامية، أجابه الشيخ المنجد أنه يختلف عن اللواط، وأن الحكم يختلف من حالة لأخرى والفيصل بها القاضي وهنا الحكم يحدث ب:التعزيز. إذا الأمر قد يكون حلالا وقد يكون حراما، وإن كان حراما وهو أغلب الظن، يرى أخي من منظوره أنه حرام ليس بالكبير ونحن كل يوم نفعل الحرام فلما لا ؟؟ إن كان هذا هو ماسيشبعني.
المشكلة الآن هي وجود فتاة دخلت حياة أخي كصديقة وهي لا تمانع أبدا في إجراء مثل هذه المكالمات، وهو يفكر جديا في الزواج منها.
أتمنى أن تجيبوني بالرد الشافي لأني أحاول إثناءه عن هذا، وبالرغم من اعترافه بخطأ الموضوع إلا أنه لا يجده من ضمن الكبائر مثلا وبالتالي فهو لا يزال مصرا على رأيه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أجمع العلماء قاطبة على حرمة السحاق بين النساء، وعدوه من كبائر الذنوب.فقد جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر الكبيرة الثانية والستون بعد الثلاثمائة: مساحقة النساء وهو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل. كذا ذكره بعضهم واستدل له بقوله صلى الله عليه وسلم: السحاق زنا النساء بينهن. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن السحاق حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السحاق زنى النساء بينهن. وقد عده ابن حجر من الكبائر. انتهى

وقد حكى بعض المفسرين أن من أسباب هلاك نساء قوم لوط أنهن كن يفعلن هذه الفعلة الشنيعة، لأنه لما استغنى رجالهم بالرجال عن النساء، ولم تجد النساء من يقضي وطرهن من الرجال استغنى بعضهن ببعض عن الرجال.

جاء في تفسير الألوسي – رحمه الله –: وبدأ أيضا السحاق في قوم لوط عليه السلام فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة رضي الله تعالى عنه إنما حق القول على قوم لوط عليه السلام حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال. وعن أبي حمزة رضي الله تعالى عنه: قلت لمحمد بن علي عذب الله تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهم فقال: الله تعالى أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء. انتهى .

فتبين بهذا حرمة هذه الفعلة الشنيعة التي تخالف الفطرة السليمة والتي تنفر منها الأخلاق المستقيمة, ولا ينبغي لمسلم أن يشك في حرمة هذا الفعل, وكيف يشك في ذلك وقد اشتمل على جملة من كبائر الذنوب, فمن ذلك كشف العورات والنظر إليها بغير ضرورة ولا حاجة, ومنها اشتمالها على لمس العورة بشهوة، وهذا كله حرام بإجماع المسلمين.

 ففي صحيح مسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –قال: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضى الرجل إلى الرجل فى ثوب واحد، ولا تفضى المرأة إلى المرأة فى الثوب الواحد.

 قال النووي رحمه الله: ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل ، والمرأة إلى عورة المرأة ، وهذا لا خلاف فيه . وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة، والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع ، ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى.انتهى.

أما ما قاله الشيخ المنجد – حفظه الله – فليس فيه من قريب ولا بعيد أن السحاق مباح أو حتى مختلف فيه, وما استنبطه أخوك من ذلك, إما لي لعنق الفتوى, وتحريف للكلم عن مواضعه حتى يوافق هواه ومشتهاه, وإما جهل وعدم تنبه لمقصود الكلام, فصحيح أن السحاق ليس مثل اللواط، لأن اللواط فيه إيلاج وهذا لا إيلاج فيه, وصحيح أن السحاق ليس فيه حد ولكن فيه تعزير, ولكن هذا كله لا يعني أنه ليس بحرام، ولا أنه من الصغائر كلا, فكم من الكبائر لم يوجب فيها الشرع الحد ولا خلاف في كونها من الكبائر, من ذلك على سبيل المثال لا الحصر: الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور, فهل يقال في هذه الآثام إنها ليست من الكبائر لأنه لا حد فيها سبحانك هذا بهتان عظيم.

فتبين بهذا أن ما يقوم به أخوك وما يطلبه من استماع للنساء وهن يتحدثن عن هذه الفواحش ويصفنها بكلام مثير حرام لا خلاف في حرمته, وهو من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وتحريض على المحرمات وإغراء بها, والله سبحانه يقول: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون  {النور:19} .

وأما قوله إننا نفعل الحرام كل يوم فلم لا نفعل هذا أيضا؟ فهذا الكلمةعظيمة تتضمن الاستخفاف بالله وبآياته وبأوامره وبعذابه وبوعيده, وهذا دليل والعياذ بالله على خراب الدين وفساد القلب، نسأل الله السلامة والعافية.

فارتكاب المحرمات وانتشارها يوجب التوبة منها والندم على فعلها لا أنه يسوغ المزيد منها ويهون من شأنها.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة