هل يجب الحد في وطء المستأجرة وعلى من عقد على امرأة لا يحل له نكاحها

0 941

السؤال

هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت يقول: لو أن رجلا عقد على امه عقدة النكاح، وهو يعلم أنها امه، ثم وطئها لسقط عنه الحد، ولحق به الولد (3). وكذلك قوله في الأخت والبنت، وكذلك سائر المحرمات، ويزعم أن هذا نكاح شبهة أوجبت سقوط الحد. ويقول: لو أن رجلا استأجر غسالة أو خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات، ثم وثب عليها فوطئها وحملت منه سقط عنه الحد، ولحق به الولد (4). هذا في حوار موجود على النت بين المفيد الرافضي وشيخ إسماعيلي.. فهل هذا معقول ولماذا لم نر ردا عليه!؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن سؤالك الكلام على مسألتين:

المسألة الأولى: من عقد على امرأة لا يحل له نكاحها هل يحد أم لا؟ جاء في كتاب فتح القدير لابن الهمام وهو في الفقه الحنفي: ومن تزوج امرأة لا يحل له نكاحها فوطئها لا يجب عليه الحد عند أبي حنيفة. ولكن يوجع عقوبة إذا كان علم بذلك. وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: عليه الحد إذا كان عالما بذلك، لأنه عقد لم يصادف محله فيلغو كما إذا أضيف إلى الذكور، وهذا لأن محل التصرف ما يكون محلا لحكمه، وحكمه الحل وهي من المحرمات، ولأبي حنيفة رحمه الله أن العقد صادف محله لأن محل التصرف ما يقبل مقصوده، والأنثى من بنات آدم قابلة للتوالد وهو المقصود، وكان ينبغي أن ينعقد في جميع الأحكام إلا أنه تقاعد عن إفادة حقيقة الحل فيورث الشبهة لأن الشبهة ما يشبه الثابت لا نفس الثابت، إلا أنه ارتكب جريمة وليس فيها حد مقدر فيعزر. انتهى.

وأصل هذا قاعدة عند أبي حنيفة ذكرها ابن الهمام قبل ذلك في نفس الكتاب حيث قال: ثم الشبهة عند أبي حنيفة رحمه الله تثبت بالعقد وإن كان متفقا على تحريمه وهو عالم به، وعند الباقين لا تثبت إذا علم بتحريمه، ويظهر ذلك في نكاح المحارم على ما يأتيك إن شاء الله تعالى. انتهى.

والذي ذهب إليه الشافعي والصاحبان أبو يوسف ومحمد بن الحسن وهو وجوب الحد إن كان عالما بالتحريم هو قول جمهور العلماء، وهو الذي عليه الفتوى عند الحنفية، قال ابن عابدين في كتاب رد المحتار وهو في الفقه الحنفي: وقالا: إن علم الحرمة حد وعليه الفتوى خلاصة، لكن المرجح في جميع الشروح قول الإمام فكان الفتوى عليه أولى قاله قاسم في تصحيحه، لكن في القهستاني عن المضمرات: على قولهما الفتوى. انتهى... وينبغي التنبيه إلى أن الإمام أبا حنيفة لا يقول بحل هذا النكاح، وإنما الكلام في ثبوت الشبهة من عدمه كما هو واضح.

المسألة الثانية: وطء المستأجرة: وهذه المسألة لم نجد للحنفية فيها قولين، بل يجزمون بوجوب الحد على من وطيء الجارية المستخدمة، ولا يكون عقد الإجارة شبهة يدرأ بها الحد عندهم، ففي رد المحتار: "ولا حد "بالزنا بالمستأجرة له" أي للزنا. والحق وجوب الحد كالمستأجرة للخدمة. انتهى.

وأما لحوق الولد فتابع للحد، فحيث لم يجب الحد للشبهة لحق الولد، وقد ذكرنا هذا في الفتوى رقم: 79750.

وننبه إلى أن مثل هذه المسائل الفقهية محل اجتهاد، وربما لحظ الفقيه مأخذا معينا جعله يذهب هذا المذهب المعين في المسألة، فلا يجوز التشنيع عليه والحديث عنه بسوء في مثل هذا، وهو على كل حال مجتهد فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة