السؤال
الرجاء منكم إفتاءنا بخصوص موضوع المجسمات المصنوعة من الخزف والفخار التي تكون على شكل طيور أو حيوانات وتستخدم كأحواض للزراعة في حديقة الحيوان وتوضع في الأماكن العامة داخل الحديقة وخارجها علما بأن هذه الأشكال مجوفة وبها زراعة وفي بعض الأحيان تستخدم من قبل شركات النظافة لرمي المخلفات بداخلها وتكون ممتهنة. أفيدونا وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تصنيع صور ذوات الأرواح المجسمة من الطيور وغيرها محرم تحريما شديدا، وذلك لدخوله دخولا أولويا في النهي والوعيد الواردين في نصوص الشرع في شأن التصوير والمصورين، واقتناء هذه الصور - مع أنه أقل درجة من تصويرها- وردت بخصوصه عدة أحاديث تحرمه، وتنفر منه، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" رواه البخاري. ومنها حديث علي رضي الله عنه وهو كما في صحيح مسلم عن أبي الهياج قال: قال لي علي رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته.
ومنها: هتكه صلى الله عليه وسلم الستر الذي فيه الصورة. وبالجملة فإن حرمة اقتناء الصور المجسمة محل اتفاق بين أكثر العلماء، ولو كانت هذه الصور ممتهنة، ومن بين هؤلاء العلماء الأئمة الأربعة، بل نقل ابن العربي من المالكية الإجماع على تحريم هذا النوع من الصور، وتحريم اتخاذه مطلقا، ما عدا اللعب للبنات، وذلك لعموم الآيات والأحاديث الواردة بالوعيد الشديد والإنكار الأكيد على المصورين لهذا النوع من الصور والمتخذين لها، ولما فيها أيضا من قوة الشبه بعباد الصور والأصنام، مع العلم بأن بعض أهل العلم قال: يجوز اقتناء هذا النوع من الصور إذا كان متخذا على وجه الإهانة والابتذال، لكنه قول يخالف ما ذهب إليه الجمهور؛ بل وحكي الإجماع عليه.
لهذا فإنا نرى -والله تعالى أعلم- أن هذه التماثيل -المذكورة في السؤال- لا يجوز اتخاذها ولو كانت متخذة لرمي المخلفات والقمامات، ونحو ذلك، مما يتنافى مع التعظيم والإجلال، وذلك لعموم الأدلة الواردة في تحريم التصوير والتماثيل، ولقول جماهير العلماء، ولأنها قد يأتي عليها يوم ما وهي غير مهانة لطول بقائها.
والله أعلم.