نصائح للتغلب على وسوسة الشيطان والأدلة على حرمة الانتحار

0 494

السؤال

عندي عدة مشاكل حتى أني كرهت هذه الحياة كرها شديدا، أنا صاحب الفتوى 114175, أرجو قراءتها جيدا قبل الفتوى، فمثلا اليوم ذهبت للدراسة خارج المدينة فجلست على الأرض ويذهب الناس مع كلابهم التي يمكن أن تتبول هناك وهناك غائط الكلاب، أنا جلست فوق التراب قبل الجلوس رأيت أن ليس به غائط، ولكن بعد ذلك وقفت وقمت بحك دبري من السروال واللباس الداخلي نظيف فقالت لي نفسي إن التراب يمكن أن يكون نجسا ببول أو غائط قد يصل إلى دبري الذي كان رطبا عند الحك فاستنتجت أني لوطي مفعول به، ومرة وأنا أغيط ضرب الغائط في البول فوصل البول إلى دبري، ومرة أظن آن منيا وصل فمي عن غير قصد، وتقول لي نفسي أني لوطي مفعول به، لذلك بسبب هذا وبسبب سؤال الفتوى 114175 أفكر أن الحل الوحيد هو الانتحار وأن لا خير في حياتي، ذهبت إلى طبيب غير مسلم لأنه ليس هناك مسلم وتركت الذهاب إليه لأنه قال لي إني أفعل ما توسوس به نفسي، أصبح عسيرا علي الاختلاط بالناس خوفا أن يقولوا أني لوطي، هكذا أرتاح عندما أكون وحيدا, في بعض الأحيان أسأل نفسي كم من الوقت سأعيش هكذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر من كلامك أنك مصاب بالوساوس -نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء- والوساوس قد ذكر العلماء أن أعظم أسباب علاجها بعد الاستعانة بالله سبحانه واللجوء إليه هو الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها، وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له داوء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها، وإلى شيطانها.. وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليعتقد بالله ولينته. انتهى.

ثم بعد ذلك ننصحك -للتغلب على وساوس الشيطان بما يلي:

1- الإلحاح على الله سبحانه في الدعاء فإن الله سبحانه يحب الملحين في الدعاء، والدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، وقد وعد الله سبحانه باستجابته، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم  {غافر:60}.

2- كثرة ذكر الله سبحانه فإن ذكر الله سبحانه مطردة للشيطان، خصوصا قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة.. فقد جاء في الحديث المتفق عليه: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك.

3- الحرص على صلاة الفجر في وقتها في جماعة، فمن صلى الفجر في وقتها فهو في ذمة الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء. رواه مسلم. قيل الذمة معناها: الضمان وقيل: الأمان.

4- التوكل على الله -جل وعلا- فإن الشيطان لا سلطان له البتة على المتوكلين، قال سبحانه عن الشيطان: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون {النحل:99}.

5- التوبة إلى الله سبحانه، فإن الذنوب هي سبب المصائب وبذنوب العبد يسلط عليه أعداؤه من الإنس والجن...

أما ما تريد فعله من الانتحار وقتل النفس فهذا كبيرة من كبائر الذنوب ولا يجوز الإقدام عليها بحال، لقوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما {النساء:29}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجا بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. رواه البخاري ومسلم.

وجاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله عز وجل: بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة.

ولأن الانتحار دليل على يأس العبد من رحمة الله أرحم الراحمين واليأس من رحمة الله من صفات الكافرين الضالين والعياذ بالله، قال سبحانه: ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف:87}، وقال سبحانه: والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم {العنكبوت:23}، وقال تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون {الحجر:56}.

والحاصل أن الإقدام على الانتحار أمر منكر فظيع وعواقبه وخيمة إذ هو والعياذ بالله يفسد على المرء دينه ودنياه، فلا دنياه أبقى ولا دينه حفظ، فعظم رجاءك بالله وأيقن برحمته سبحانه التي وسعت كل شيء، وجدد صلتك به، وأكثر من الطاعات والجأ إليه سبحانه بالدعاء -راغبا راهبا- وتضرع إليه أن يصرف عنك السوء والضر وأن يحبب إليك الإيمان وأن يزينه في قلبك وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلك من الراشدين.

 واعلم أن الحياة نعمة عظيمة أنعم الله بها عليكم وفرصة لا يمكن تعويضها فاغتنمها في العمل الصالح حيث تحيا به حياة كريمة، كما قال تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون {النحل:97}، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 10397.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة