الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن رمي المسلمة بالزنا حرام وهو من كبائر الذنوب التي توجب الفسق والعقوبة البليغة في الدنيا، والعذاب العظيم في
الآخرة، قال تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون {النور: 4}.
وقال سبحانه: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم
{النور:23}.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات.
قال الإمام النووي: المحصنات:العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما قذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون.
وتزداد هذه الجريمة قبحا وشناعة إذا كانت في حق الزوجة التي أوجب الله سبحانه لها المعاملة بالحسنى والمعاشرة بالمعروف , قال سبحانه " وعاشروهن بالمعروف , وقال – صلى الله عليه وسلم – : واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم. أخرجه الترمذي وغيره وحسنه الألباني.
وأما اتهام الزوجة كذبا بلقاء شخص آخر فهو أيضا حرام وهو من البهتان الذي حرمته الشريعة المباركة , كما جاء في صحيح مسلم وغيره أنه – صلى الله عليه وسلم – قال : أتدرون ما الغيبة ؟ ذكرك أخاك بما يكره إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته.
جاء في عون المعبود: ( فقد بهته ) بفتح الهاء المخففة وتشديد التاء على الخطاب أي قلت عليه البهتان وهو كذب عظيم يبهت فيه من يقال في حقه. انتهى.
ألا فليتق هذا الزوج ربه وليحذر عقوبته وعذابه فقد قال – صلى الله عليه وسلم –: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال و ليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني , وردغة الخبال هي: عصارة أهل النار.
وليعلم أنه إذا حلف أمام القضاء أو غيره على هذا الاتهام الكاذب, فقد ضم إلى جريمته وبهتانه جريمة أخرى شنيعة وهي اليمين الغموس.
فقد جاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله– صلى الله عليه وسلم – قال: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وواليمين الغموس.
وهذه الكبيرة مع ما أعده الله لفاعلها من العقوبة الشديدة في الآخرة فإن شؤمها يلحق صاحبها أيضا في الدنيا بالدمار وخراب الديار كما جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع. أخرجه البيهقي وصححه الألباني .
جاء في فيض القدير: واليمين الفاجرة أي الكاذبة (تدع) أي تترك (الديار بلاقع) بفتح الباء واللام وكسر القاف جمع بلقع وهي الأرض القفراء التي لا شيء فيها يريد أن الحالف يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق، وقيل: هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67746 , 113313 , 61445.
والله أعلم.