المشاركة في مسابقات القرآن الكريم وأخذ الجوائز عليها، رؤية شرعية

0 1060

السؤال

هل يجوز الاشتراك في مسابقات القرآن الكريم وأخذ الجوائز على ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: ‏

فقد اتفق الفقهاء على جواز بذل العوض وأخذه في سباق الخيل والإبل والسهام، إذا كان ‏العوض من أحد المتسابقين أو من أجنبي عنهما؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ‏سبق إلا في نصل أو خف أو حافر. رواه الترمذي والنسائي وأبو داود.‏
واختلفوا فيما عدا هذه الثلاثة، مثل السباق على الأقدام، والمسابقة بالفيلة والبغال ‏والحمير، والسباحة والمصارعة والمغالبة برفع الأثقال.‏
كما اختلفوا في بذل العوض في المسابقات الدينية، كالمسابقة على حفظ القرآن الكريم، ‏وحفظ مجموعة من الأحاديث النبوية، أو كتابة بحث علمي، فذهب جماعة من أهل العلم ‏إلى الجواز، وهو الراجح إن شاء الله.‏
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه: " الفروسية": المسألة الحادية عشرة: المسابقة على ‏حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز ‏بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا، ‏وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز ‏المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز.

وهي صورة مراهنة الصديق لكفار ‏قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن ‏الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد فإذا جازت المراهنة ‏على آلات الجهاد، فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح. انتهى.

وقال في ‏موضع آخر من كتابه: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل ‏والإبل؛ لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد، فجواز ذلك في ‏المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى ‏وأحرى.‏ وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية.‏ اهـ.
وفي تبيين الحقائق -من كتب الحنفية-: وعلى هذا، الفقهاء إذا تنازعوا في المسائل وشرط ‏للمصيب منهم جعل؛ جاز ذلك إذا لم يكن من الجانبين على ما ذكرنا في الخيل؛ لأن المعنى ‏يجمع الكل، إذ التعليم في البابين يرجع إلى تقوية الدين وإعلاء كلمة الله.‏ اهـ.
وفي الإنصاف -من كتب الحنابلة-: والصراع والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد ‏بهما نصر الإسلام، وأخذ العوض عليه أخذ بالحق. فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت ‏مما يعين على الدين، كما في مراهنة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- واختار هذا كله ‏الشيخ تقي الدين -رحمه الله- وذكر أنه أحد الوجهين عندنا، معتمدا على ما ذكره ابن ‏البنا.

قال ( ابن مفلح) في الفروع (فظاهره جواز المراهنة بعوض في باب العلم، لقيام الدين ‏بالجهاد والعلم.
وهذا ظاهر اختيار صاحب الفروع وهو حسن. انتهى الإنصاف للمرداوي.‏
والحاصل أنه يدل على الجواز أمران: ‏
رهان أبي بكر -رضي الله عنه- وقد أقره النبي -صلى الله عليه وسلم- وقياس السباق في ‏المسائل العلمية على ما نص عليه في السباق في الخيل والإبل والسهام.‏
والجامع في ذلك: تقوية الدين وإعلاء كلمة الله.‏
ولا شك أن رصد بعض الجهات جوائز لمسابقات القرآن الكريم مما يحفز الهمم ويشجع ‏المسلمين على حفظ كتاب الله تعالى، وفي ذلك حفظ للدين.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة