السؤال
نحن تسعة أطفال من أب وأم واحدة وأبي يملك بيتين أحدهما يحتوي على شقتين يسكن فيهما إخوتي بدون أي مقابل فقام أبي بتنازل بيع وشراء للبيت الذي يجلس فيه لأخي الكبير بدون أن يقبض منه أي مبلغ وقام أخي بهدم بيت العائلة وبناه من جديد باسمه فوق كل هذا قام أبي بمساعدته ماديا ومن ذلك اليوم لا نستطيع أن ننسى ما فعله أبي بنا فما رأيكم انتم بهذا أفتونا ماذا نفعل هل نقاطعهم أم ماذا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان تفضيل والدكم لأخيكم بغير سبب يقتضي التفضيل، فإنه ظلم قد نهى الشرع عنه، فعن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا، قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع، فرد عطيته. متفق عليه.
لكن هذا الظلم لا يبيح لكم مقاطعة والدكم أو التقصير في بره، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون { لقمان:14}.
وإنما لكم أن تنصحوه في ذلك بالرفق، أو تستعينوا بمن ينصحه ممن يقبل نصحه، كما لا يجوز لكم أن تقاطعوا أخاكم، فقد نهى الله عن قطع الرحم وأمر بصلتها، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه سمع النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم.
بل أمرنا بصلة من يقطعنا فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وعليكم أن تنصحوا أخاكم ألا يقبل ذلك ولا يعين أباه على الظلم.
وننبه إلى أن هبة الوالد لولده دار سكناه، قد ذهب كثير من العلماء إلى عدم صحتها لعدم تحقق القبض، لكن ما دام الوالد قد أمكن ولده من هدم البيت وبنائه فقد صحت هبته إذا كان لمسوغ، وإذا كان الولد قد بنى البيت بماله فالبناء حق له على كل حال، وإذا افترضنا أن الهبة المذكورة ليس لها مسوغ فإنه يجب أن ترد لأبيه، ويستحق الابن قيمة البناء.
والله أعلم.