السؤال
ما هي أدلة عدم تشبه المسلمين بالكفار من القرآن والسنة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه مسألة مهمة من مسائل الدين، وأصل عظيم من أصوله، ألف فيه شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه العظيم: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) وهو من أنفع ما كتب في هذا الباب، حشد فيه رحمه الله من أدلة القرآن والسنة شيئا جليلا.
وممن اعتمد على هذا الكتاب من علماء العصر الشيخ الألباني رحمه الله، فجمع بحثا مختصرا مفيدا عن ذلك في كتابه (جلباب المرأة المسلمة)، قال في أوله: تقرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالا ونساء التشبه بالكفار، سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم. وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم مع الأسف كثير من المسلمين، حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلا بدينهم أو تبعا لأهوائهم أو انجرافا مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة، حتى كان ذلك من أسباب ذل المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {الرعد: 11} لو كانوا يعلمون، وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة، وإن كانت أدلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائما.
ومما ذكره ـ رحمه الله ـ من أدلة القرآن قوله تعالى: ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون {الجاثية:6-8}.
وقوله عز وجل: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون {الحديد:16}.
ومما ذكره من أدلة السنة قوله صلى الله عليه وسلم: جعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد.
وحديث أبي واقد الليثي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح.
ولمزيد من الأدلة يرجى مراجعة الكتابين السابقين.
والله أعلم.