0 333

السؤال

متى نصوم عاشوراء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فصوم عاشوراء مسنون مندوب إليه بلا شك، وهو يكفر ذنوب سنة ماضية, وانظر الفتوى رقم: 7552.

 وإن كان المقصود السؤال عن أي يوم هو من أيام المحرم، فنقول: لا خلاف بين أهل العلم إلا من شذ في أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر المحرم وهو مقتضى اللغة والشرع، ولا يشكل على هذا إلا ما روى مسلم في صحيحه عن الحكم بن الأعرج قال‏:‏ انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له‏:‏ أخبرنى عن صوم عاشوراء فقال‏:‏‏‏إذا رأيت هلال المحرم، فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائما قلت‏:‏ هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏‏.‏

ففهم منه بعضهم أن يوم عاشوراء هو يوم التاسع من المحرم، وقد كفانا ابن القيم الجواب عن هذا الأثر بما فيه غنية ضمن سوقه للإشكالات التي أوردت حول أحاديث صيام عاشوراء وجوابه عنها، ونحن نسوق كلامه بطوله لجودته ومتانته.

 قال رحمه الله: وأما الإشكال السادس‏:‏ وهو قول ابن عباس‏:‏ اعدد وأصبح يوم التاسع صائما‏.‏ فمن تأمل مجموع روايات ابن عباس، تبين له زوال الإشكال، وسعة علم ابن عباس، فإنه لم يجعل عاشوراء هو اليوم التاسع، بل قال للسائل‏:‏ صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعده الناس كلهم يوم عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومه كذلك ‏.‏ فإما أن يكون فعل ذلك هو الأولى، وإما أن يكون حمل فعله على الأمر به، وعزمه عليه في المستقبل، ويدل على ذلك أنه هو الذي روى‏:‏ ‏‏صوموا يوما قبله ويوما بعده‏‏، وهو الذي روى‏:‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء يوم العاشر ‏.‏ وكل هذه الآثار عنه، يصدق بعضها بعضا، ويؤيد بعضها بعضا ‏.‏

فمراتب صومه ثلاثة‏:‏ أكملها‏:‏ أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، وأما إفراد التاسع، فمن نقص فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب، وقد سلك بعض أهل العلم مسلكا آخر فقال‏:‏ قد ظهر أن القصد مخالفة أهل الكتاب في هذه العبادة مع الإتيان بها، وذلك يحصل بأحد أمرين‏:‏ إما بنقل العاشر إلى التاسع، أو بصيامهما معا.‏ وقوله‏:‏ ‏‏إذا كان العام المقبل صمنا التاسع‏‏‏:‏ يحتمل الأمرين ‏فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبين لنا مراده، فكان الاحتياط صيام اليومين معا، والطريقة التي ذكرناها، أصوب إن شاء الله، ومجموع أحاديث ابن عباس عليها تدل، لأن قوله في حديث أحمد‏:‏ ‏‏خالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده‏، وقوله في حديث الترمذى‏:‏‏‏أمرنا بصيام عاشوراء يوم العاشر‏‏ يبين صحة الطريقة التي سلكناها. انتهى ‏.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة