السؤال
أنا صاحبة الفتوى رقم: 114922، وجزاكم الله خيرا على ردكم ولكن أحب أن أعرف هل إذا كنت أعترض على هذه الأمور الشرعية فهل أنا كافرة ويلزمني فسخ النكاح من زوجي حتى أتوب أو يتوب الله علي، وهل السنوات السابقة التي كنت أعيشها معه كانت لا سمح الله زنا وهل المؤمن المرتد لا بد من أن يفسخ النكاح حتى وإن تاب فبل الفسخ أنا أحس أن بداخلي كبرا أو شيئا لا أعرف مسماه أريد التوبة ولا أعرف هل الله غضبان علي لذلك لا يمهد لي سبل التوبة ويجعلني أغوص في بحر الأفكار والاعتراض، وأدخل تحت الآية الكريمة التي تقول إن الأعمال تحبط بسبب كره ما أنزل الله، أنا أحس أن هذه الآية تنطبق علي تماما عندما أقرأ أو أسمع شيئا عن فتوى تتعلق بالتعدد أو حق الزوج والطاعة له في غير معصية أو فضله الذي يفوق فضل الوالدين اللذين تعبا في تربية ابنتهما ثم تذهب لشخص غريب وتصير تحت أوامره وكأن ذنب الوالدين هو رعايتهما وحبهما لها، للأسف أحس بداخلي بالضيق على الرجل عامة والزوج خاصة وعندما أسمع من يذكر حق الزوجة ومدحها وذم الزوج أفرح جدا سامحني الله على ما أكتب ولكن لا بد من أن أرى حكمي هل أنا كافرة هل سأخلد في النار لو كنت كافرة فهل صلاتي تمنعني من دخول النار وصيامي وقراءة القرآن..
أرجو منكم أن تجيبوني عن كل سؤال من أول الرسالة حتى آخرها ولا تتركوا شيئا منها بدون إجابة .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
ونؤكد هنا ما ذكرنا بالفتوى السابقة من أن مجرد الخواطر لا أثر لها، وأنه لا حرج في ذكر مثل هذه الأسئلة إن كان على سبيل الاستفسار والبحث عن الحكمة مع التسليم للشرع.
وأما كراهة ما جاء به الشرع إن كان المقصود به ما قد يشعر به المسلم من ثقل مثل هذه الأحكام على نفسه مع تسليمه لها لكونها من عند الله، فهذا لا يضر صاحبه.
قال الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير وهو يبين المراد بالحرج في قول الله تعالى: ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت {النساء } قال - رحمه الله - : وليس المراد الحرج الذي يجده المحكوم عليه من كراهية ما يلزم به إذا لم يخامره شك في عدل الرسول وفي إصابته وجه الحق. وقد بين الله تعالى في سورة النور كيف يكون الإعراض عن حكم الرسول كفرا، سواء كان من منافق أم من مؤمن إذ قال في شأن المنافقين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله.... ثم قال : إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ، لأن حكم الرسول بما شرع الله من الأحكام لا يحتمل الحيف إذ لا يشرع الله إلا بالحق ، ولا يخالف الرسول في حكمه شرع الله تعالى . انتهـى.
وينبغي للمسلم على كل حال أن يتقبل أحكام الشرع بالرضا والتسليم ولو لم تظهر له حكمتها، ولا بأس بعد ذلك في أن يبحث عن الحكمة.
وإن كان المقصود بكراهية هذه الأحكام عدم الرضا بها أصلا والشك فيها فلا شك أن هذا كفر بالله تعالى تجب التوبة منه. ومن تاب تاب الله عليه. ولا يلزم من عدم إقبال المرء على التوبة أن يكون ذلك دليلا على غضب الله عليه، وعلى المرء المبادرة إلى التوبة وعدم الانشغال بمثل هذه الأفكار.
وإذا ارتد أحد الزوجين بطل النكاح بينهما، ولكن إن تاب وعاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة بينهما بقيا على النكاح الأول، أي لا حاجة لهما إلى تجديد عقد النكاح، وراجعي الفتوى رقم: 74023.
وأما يحصل من معاشرة بين الزوجين مع الجهل بحصول ما يوجب الردة فلا يعتبر زنى، وإن حصل من ذلك ولد فإنه ينسب إليهما. ومن كفر وارتد عن الإسلام فعلا فلا تنفعه صلاة أو صيام أو قراءة قرآن أو نحو ذلك حتى يتوب ويرجع إلى الإسلام، قال تعالى: وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله { التوبة 54}.
والله أعلم.