السؤال
أفتوني في من قتل أبناءه ثم انتحر وهو مريض نفسي، وسبب المرض أنه قد أفلس؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا النوع من المرض النفسي يجعل صاحبه غير مدرك لتصرفاته أو غير قادر على التحكم فيها أو غير واع لما يفعل، فإن صاحبه يرفع عنه القلم ، ويكون له حكم المجنون. وبالتالي لا يؤاخذ بأفعاله.
أما إن كان صاحبه لا يزال عاقلا مدركا لتصرفاته فحكمه حكم بقية المكلفين، فتجري عليه أحكامهم ويؤاخذ بالإثم كما يؤاخذون، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74301، 75217، 32229 .
وهذا التفصيل إنما ينفع في وجود الإثم وعدمه، وأما حقوق الآدميين كالدية فهي لازمة على أية حال. فإن كان قتلهم عن طريق الخطأ فالدية على عصبته من أموالهم، وإن كان قتلهم عمدا ـ كما هو ظاهر السؤال ـ فالدية على القاتل من ماله، هذا إن كان عاقلا، أما إن كان مجنونا فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في من تلزمه الدية هل هي في مال المجنون وهو ما قاله الشافعي وأصحابه ، أم هي في مال العاقلة كما قاله كثير من أهل العلم منهم الحنابلة. وقد سبق بيان ما يترتب على قتل الأب لابنه من أحكام، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30793، 55684، 56056.
كما سبق بيان حكم القاتل عمدا، وكذا حكم المنتحر في الفتويين : 1940، 23031.
وننبه على أن الإفلاس مصيبة من مصائب الدنيا، وما كانت لتصل إلى هذه الدرجة، مع الإيمان بقدر الله والرضا بقضائه والتسليم لحكمه، وقد سبق بيان أن الإيمان بالقدر يبعث في النفس الطمأنينة، في الفتوى رقم: 19686 .
والله أعلم.