تفنيد شبهات باطلة حول النبي صلى الله عليه وسلم

0 504

السؤال

ما حكم الدين فيمن يعتقد الآتي في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل يكفر إن أصر على ذلك على الرغم من مناقشته وتبيين الخطأ له بالكتاب والسنة، وهل تجوز الصلاة خلفه أم لا... وأرجو أن تبين لي أي هذه المعتقدات مجرد خطأ وأيها كفري وشركي مخرج من الإسلام.
1- أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم متى تقوم الساعة تحديدا, وأنه عندما قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل. أراد أنه وجبريل عليهما السلام يعلمان متى الساعة.
2- يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم ويوزع الأرزاق بين العباد, ويقول إن أي رزق يأتي العبد فإنما هو من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, ويستدل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا قاسم.
3- يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يملي القرآن لجبريل عليه السلام من السماء, وأن جبريل عليه السلام عندما كان يصعد إلى السماء كان يجد الرسول صلى الله عليه وسلم موجودا هناك وهو الذي يمليه القرآن, وعندما تعجب جبريل عليه السلام كيف يظهر للناس أنه هو الذي يملي القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها الشريعة يا جبريل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن النصوص تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام لا يعلمان متى تقوم الساعة، وهذا يعلم برد ما ليس واضحا في الدلالة على ذلك من النصوص إلى ما هو واضح الدلالة على نفي علمهما بذلك..

فمن ذلك ما في الحديث أنه قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت المرأة ربتها فذاك من أشراطها، وإذا كان الحفاة العراة رؤوس الناس فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله، إن الله عنده علم الساعة.. رواه البخاري ومسلم.

قال ابن حجر في الفتح: قال القرطبي: لا مطمع لأحد في علم شيء من هذه الأمور الخمسة لهذا الحديث....وقال ابن مسعود: أوتي نبيكم علم كل شيء سوى هذه الخمس.. انتهى.

 ويدل لهذا عموم الآيات المفيدة لاستثناء الله تعالى بعلمها مثل قوله: يسألونك عن الساعة أيان مرساها {النازعات:42}.  وقوله تعالى: إلى ربك منتهاها {النازعات:44}.

وأما ادعاء كون الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يقسم الأرزاق بين العباد استنادا لحديث الصحيحين: إنما أنا قاسم والله يعطي، فهو مردود لكون الحديث واردا في قسم الغنائم بين المسلمين فيتولى النبي صلى الله عليه وسلم قسمتها كما أمره الله تعالى، وليس معنى الحديث أنه وهو الذي يقسم الأرزاق بين الناس، كما قال تعالى: أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون {الزخرف:32}.

 وقال النووي في شرح هذا الحديث: معناه أن المعطي حقيقة هو الله تعالى ولست أنا معطيا وإنما أنا خازن على ما عندي ثم أقسم ما أمرت بقسمته على حسب ما أمرت به، فالأمور كلها بمشيئة الله تعالى وتقديره والإنسان مصرف مربوب. انتهى.

ويدل لهذا الأمر عموم الأدلة الواردة في توحيد الربوبية المثبتتة لربوبية الله تعالى وأنه الرازق المعطي النافع، مثل قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماوات والأرض...  {سبأ:24}، وقوله تعالى: الله الذي خلقكم ثم رزقكم {الروم:40}.

وأما دعواه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يملي القرآن على جبريل فهو كلام ساقط لا يحتاج لجواب لمناقضته لقوله تعالى: قل نزله روح القدس من ربك بالحق  {النحل:102}.

 وبناء على هذا يعلم أن دعاوى هذا الرجل باطلة مردودة بنصوص الشرع، والمنكر لما دلت عليه النصوص بعد بيان الحجج من نصوص الوحي يكفر إذا كذب تلك النصوص، ولكن تكفير المعين يحتاج لضوابط سبق أن ذكرناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 721، 44772، 4132، 14489.

فإذا كنتم ناقشتم هذا الرجل وبينتم له خطأه بالكتاب والسنة وقامت عليه الحجة وأصر على المعتقدات المذكورة فإنه يكفر لما عنده من الانحراف في الربوبية والرسالة.

 وأما الصلاة خلفه فعليكم بالبعد عنها دائما فهو أقل أحواله أن يكون مبتدعا، وقد بينا تفصيل القول في الصلاة خلف المبتدعة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6742، 48361، 24730، 35398، 64740.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة