السؤال
هناك بعض الأناس أنا لا أحبهم سواء كانوا متدينين أو غير متدينين، هل هذا حرام؟ رغم أني أعاملهم جيدا.
هناك بعض الأناس أنا لا أحبهم سواء كانوا متدينين أو غير متدينين، هل هذا حرام؟ رغم أني أعاملهم جيدا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الواجب على الإنسان أن يحب أهل الدين والخير والصلاح، وأن يبغض أهل الكفر والفسوق والعصيان، فهذا ركن الدين الأعظم وطريقه الأقوم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: أحب في الله، وأبغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله، فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكـون كذلك؛ وصارت مؤاخـاة الناس في أمر الدنيـا، وإن ذلك لا يجزئ عن أهله شيئا، ثم قرأ: الأخلاء يومئـذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين {الزخرف، آية: 67}، وقرأ: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الأيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون {المجادلة: 22}. انتهى. ولكن إذا وقع في قلب إنسان بغض شخص ما دون كسب منه ولا تسبب فلا حرج عليه في هذا، ولا يلحقه من ذلك إثم – إن شاء الله – لأن المرء لا يملك قلبه، وقد تجاوز الله سبحانه لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح. ومع ذلك فإن الإنسان إذا وجد هذا من نفسه ووقع في قلبه مثل هذه الخواطر، فعليه أن يستعيذ بالله من شر الشيطان، وأن يحاول صرفها عن قلبه وتفكيره، فإن هذه الخواطر إذا لم تصرف واسترسل صاحبها معها فإنها تتزايد وتتعاظم وينميها الشيطان حتى تستولي على قلبه، ثم تخرج من نطاق القلب إلى الجوارح، يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد: دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها. انتهى. وإذا خرج الأمر من نطاق القلب إلى أفعال الجوارح في صورة احتقار أو سخرية أو إيذاء أو ظلم أو هضم حقوق ونحو ذلك فهنا يحصل الحرج والإثم، ويدخل الأمر في حيز المنع والحرمة الشديدة، لأن إيذاء المسلم دون وجه حق حرام، سواء كان هذا الإيذاء بالقول أو الفعل، وسواء كان تصريحا أو تلميحا، عبارة أو إشارة. والله أعلم.