الهبة من حيث صحة الواهب أو مرضه أو تصريحه

0 146

السؤال

نحن 9 إخوة: 4 أولاد، 5 بنات، وزوجة الوالد، توفي الوالد مند عامين، و هو يملك قطعتي أرض: الأولى مقام عليها منزل من دورين مساحتها200م، الأرضي يقيم فيه الوالد، والعلوي يقيم فيه أخي، والقطعة الأخرى ملاصقة للأولى مساحتها180م أستغل منها بيتا بمساحة80م.
تعرض الوالد لمرض السرطان -عافانا الله جميعا- وكان يعالج بالكيماوي، والمشكلة في الشقيق الأكبر حيث استغل حالة الوالد واحتياجه للعلاج بالمستشفى وبدأ يضغط على الوالد بأن يعطيه الإذن بأن يبني فوق سطح القطعة التي أقيم فيها والتي مساحتها 180م ، وما على الوالد إلا أن يوافق وذلك حتى يعتني به هذا الابن لأنه دكتور وله علاقات بالمستشفيات، يعني العملية كان بمثابة المقايضة: العلاج مقابل السماح له بالبناء -للأسف هذا الذي حدث- وحصل الابن على البناء وسيطر على كامل المساحة، وكذلك المساحة التي تعلوها أي أخذ طابقين، مع العلم بأن الوالد سمح له ببناء حجرتين مع المنافع فقط، ولكن وضع الوالد الصحي لم يسمح له ولا لنا بإيقافه عن ما يفعله، وما كان من الوالد إلا إن غضب عليه غضبا شديد وأخذ يدعوا عليه، لدرجة أنه طلب منا عدم تركه يأخذ العزاء عند وفاته .
أكمل هذا الابن الطابق الأول في عجل وقت مرض أبيه وسكن فيه، مع العلم بأن هذا الابن قد وسع عليه الله وله مسكنين آخرين، والآن وفي هذه الفترة عاد هذا الابن إلي بناء الطابق الثاني دون أن يرجع إلى أحد من الأشقاء، مع العلم أنه من نوع يصعب التفاهم معه لأنه ليس له حياء من أحد، وكلامه كله بالعصبية والثورة والصياح بشكل يستحيل مجارته في أي حديث أبدا.
سؤالي:
هل له الحق في السيطرة على كل هذه المساحة . ولو تم رفع الموضوع للقضاء- في رأيكم- ما وضعه من حيث الشرع في المبالغ التي أنفقها على البناء، سواء الذي قبل وفاة الوالد أو في والبناء الحالي.
هل يحسب من ضمن قيمة التركة، أو أنها ترجع قبل القسمة .
جزاكم عنا الله كل الجزاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حيث الحكم الشرعي- حسب ما ظهر لنا من السؤال- لا تخلو المعاملة المسؤول عنها من حالات:

الأولى: أن يكون الوالد في حال صحته وحياته قد وهب لولده علو بيته ليبني عليه كذا وكذا، فالهبة صحيحة في القدر الموهوب فقط،، ويتملك الموهوب له الهبة كسائر ملكه بشرط أن يكون لهذه الهبة مسوغ، أو يكون ساوى بين الموهوب له وبين غيره من أولاده في العطية، وأما ما أحدثه زيادة على ما وهب له فذلك يعتبر غصبا، وللورثة تخييره بين هدم ما بناه في حقهم أو الإبقاء عليه ودفع قيمته منقوضا، وراجع الفتوى رقم: 71323، والفتوى رقم:  73972، وما أنفقه في حال كونه غاصبا يذهب هدرا.

الحالة الثانية: أن تكون الهبة في مرض موت الوالد، -ومرض الموت هو: المرض المخوف الذي اتصل به الموت- فالهبة فيه تأخذ حكم الوصية باتفاق الفقهاء، وبما أن الولد وارث فالوصية له لا تصح حتى يجيزها الورثة، فإن لم يجزها الورثة كانت باطلة لا أثر لها، ويعامل فيما أنفقة في هذه الحالة معاملة الغاصب كما تقدم.

الحالة الثالثة: أن يكون الوالد أذن له في البناء دون أن يصرح أنها هبة، أو دون تصريح بالتمليك.

 فهنا إذا لم يدل العرف على أن هذا التصرف من الوالد هبة فيكون حكمه حكم العارية، والعلماء مختلفون فيما يؤول إليه أمر البناء في العارية.

جاء في الأم للشافعي: قال الشافعي رحمه الله: وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا، ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه.

وثمت أقوال وتفصيل لأهل العلم في هذه المسألة ليس المقام مقام سردها، والذي ننصح به هو رفع الأمر إلى القاضي الشرعي حتى يأخذ كل ذي حق حقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة