السؤال
منذ حوالي شهرين قمنا أنا وزوجي بتختين ابني، وكانت في بلدنا الأصلي، وقد حدثت لنا مشاكل مع أهله لدرجة، أنني طلبت الطلاق؛ لأن زوجي قام بضربي أمام أهله، وكانت أول مرة، وأنا الآن في البلد الثاني، ومنذ أن رجعنا ونحن في المشاكل لم أستطع نسيان ما حدث، وهو كذلك تغير معي كثيرا، مع العلم أن لي ثلاثة أولاد. أفيدوني ماذا أفعل؟. أنا الآن آخذ مهدئات بسبب المشاكل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للزوج أن يضرب زوجته بلا سبب معتبر، فمن فعل فقد ارتكب إثما عظيما
ألحقه بعض العلماء بالكبائر وعده في مصافها.
جاء في كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر": الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا. انتهى.
فإذا انضم إلى ذلك وقوع الضرب أمام الناس، فقد زاد الإثم وعظم الجرم؛ لما في ذلك من جرح لمشاعرها وإهانة لكرامتها، وهذا من المخالفة الصريحة لقوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف {النساء:19}
والواجب على الزوج إزاء ما يحدث من مشكلات بين زوجته وأهله أن يلتزم الحكمة والعدل، وأن يدور مع الحق حيث دار، فلا يحابي أهله على حساب زوجته، ولا يجامل زوجته على حساب أهله. قال تعالى : اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون{المائدة : 8}
والذي ننصحك به في هذا المقام هو أن تصفحي عن زوجك وتغفري له ما كان منه، خصوصا وقد ذكرت أنها المرة الأولى، وأن هذا ليس من دأبه ولا عادته، واستعيذي بالله من كيد الشيطان ووساوسه، فإنه هو الذي يعظم لك ما كان، ويذكرك بإساءته حتى يفسد ما بينكما، وليس يفرح الشيطان بشيء كفرحه بالتفريق بين الزوجين، ثم حاولي بعد ذلك أن تجلسي مع زوجك في جلسة مصارحة تضعان فيها أيديكم على أسباب المشكلات، ثم تتعاهدا بينكما على أن يبذل كل طرف وسعه لتجنبها، وتدبري قول أبي الدرداء رضي الله عنه لأم الدرداء: إذا غضبت فرضني، وإذا غضبت رضيتك، فمتى ما لم يكن هكذا ما أسرع ما نفترق. رواه ابن عساكر في "تاريخه"
ثم نذكركم جميعا بالإكثار من ذكر الله وشكره والتوبة إليه، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة. وقد يكون هذا الذي حصل من شقاق وخلاف بشؤم ذنب أو تقصير كان منكم في جنب الله، وتذكري أنه من يتق الله يجعل له مخرجا، وييسر له ما تعسر، ويكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجرا.
والله أعلم.