السؤال
جرى بين مجموعة منا نقاش حول أسباب ضعف الأمة الإسلامية.
قال بعضنا بأن أسباب الضعف هم المسلمون أنفسهم أولا، ومن ثم يأتي ضغط الحكام على شعوبهم واستعبادهم لهم كسبب ضعف .
سؤالي هنا:من المسؤول الرئيسي عن الضعف الحالي للأمة الإسلامية، هل هو أنظمة الحكم والحكام أم المسلمون أنفسهم ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن السبب الرئيس في ضعف الأمة الإسلامية هو حال المسلمين أنفسهم، بل إن حال حكامهم هو نفسه انعكاس لحالهم مع ربهم، فما من مصيبة تنزل بالعبد إلا بكسبه وبما جنته يداه، كما قال تعالى: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير {آل عمران:165} وقال سبحانه: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: قد روى أنه قال: كما تكونوا يولى عليكم. وفي أثر آخر يقول الله تعالى: أنا الله عز وجل ملك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي من أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم. ولما انهزم المسلمون يوم أحد -هزمهم الكفار- قال الله تعالى: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم اهـ.
وقال في مجموع الفتاوى: مصير الأمر إلى الملوك ونوابهم من الولاة والقضاة والأمراء ليس لنقص فيهم فقط بل لنقص في الراعي والرعية جميعا؛ فإنه كما تكونون يولى عليكم، وقد قال الله تعالى: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح: الله حكيم، فهو الذي يولي بعض الظالمين بعضا، ولا تظنوا أن الولاة إذا ظلموا أو اعتدوا أن هذا تسليط من الله تعالى لمجرد مشيئة من الله، بل هو لحكمة؛ لأن الله قال: { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون } [الأنعام:129]. والولاة لا يتسلطون على الرعية إلا بسبب الرعية، كما تكونون يولى عليكم اهـ.
فصلاح النفوس أو انحرافها هو أصل اعتدال الأحوال أو اعوجاجها، قال تعالى: ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم {الأنفال:53} وقال سبحانه: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {الرعد:11}.
فإذا خاف العباد ربهم فاتقوه وأصلحوا حالهم معه بالإيمان والعمل الصالح، أورثهم الأرض واستخلفهم فيها، كما قال تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون {النور:55} وقال عز وجل: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون {الأنبياء:105} وقال: فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد {إبراهيم:13، 14}.
والله أعلم.